﴿فَلا تَهِنُوا﴾ فلا تضعفوا ولا تذلوا للعدوّ، ﴿وَ﴾ لا ﴿تَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ﴾، وقرئ: "السلم"، وهما المسالمة، ﴿وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾ أي: الأغلبون الأقهرون، ﴿وَاللَّهُ مَعَكُمْ﴾ أي: ناصركم. وعن قتادة: لا تكونوا أوّل الطائفتين ضرعت إلى صاحبتها بالموادعة. وقرئ: "ولا تدّعوا"؛ من: ادّعى القوم وتداعوا: إذا دعوا، نحو قولك: ارتموا الصيد وترموه. و"تدعوا" مجزوم لدخوله في حكم النهي، أو منصوب لإضمار "إن"، ونحو قوله تعالى: ﴿وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ﴾: قوله تعالى: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى﴾ [طه: ٦٨].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقرئ: "السلم") بكسر السين: أبو بكر وحمزة، والباقون: بفتحها.
قوله: (ضرعت إلى صاحبتها): الأساس: "ضرع له وإليه ضرعًا: إذا استكان وخشع، وهو يتضرع إليه، ولم يزل ضارعًا حتى فعلت كذا"، وعن بعضهم: ضرع؛ أي: مال على سبيل الخضوع، فهو ضرع، سمي بالمصدر للمبالغة، وضرعت: إذا استكانت، وفتح الراء خطأ.
قوله: (بالموادعة): الجوهري: "هي المصالحة".
قوله: (ونحو قوله: ﴿وأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ﴾: قوله: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى﴾): يعني: نظيره في كونه تقريرًا للغلبة والقهر، وقد صدرت ب"إن" المؤكدة، وحليت بلام التعريف، وفي لفظ العلو، وصيغة التفضيل. نعم ليس فيه تكرار الضمير ولا الاستئناف، لكنه حال مقررة لمعنى النهي، مردوفة بما يزيدها تقريرًا وتبيينًا، أي: لا ينبغي أن تتضرعوا إلى الصلح، والحال أنتم قاهرون عليهم، وأن الله ناصركم عليهم في الدنيا، وخاذلهم، وهو موفي أجوركم في العقبى.


الصفحة التالية
Icon