وقع "السوء" عبارة عن رداءة الشيء وفساده، و"الصدق" عن جودته وصلاحه، فقيل في المرضي الصالح من الأفعال: فعل صدق، وفي المسخوط الفاسد منها: فعل سوء، ومعنى ﴿ظَنَّ السَّوْءِ﴾: ظنهم أن الله تعالى لا ينصر الرسول والمؤمنين، ولا يرجعهم إلى مكة ظافرين فاتحيها عنوة وقهرًا، ﴿عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ﴾ أي: ما يظنونه ويتربصونه بالمؤمنين فهو حائق بهم ودائر عليهم، والسوء: الهلاك والدمار.
وقرئ: ﴿دَائِرَةُ السَّوْءِ﴾ بالفتح؛
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليكون ذلك الإنزال سببًا لعرفان المؤمنين فضل الله عليهم بتيسير الأمن بعد الخوف، ثم يكون ذلك العرفان سببًا لأن يتلقوها بالشكر من الأعمال الصالحة، فيستأهلوا به الثواب، فيثيبهم بإدخالهم جنات تجرى من تحتها الأنهار، ويرغم أعداءهم من المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات بالتعذيب، فظهر أنه اختار من الوجوه الأربعة سابقتها، فقوله: "ليعرف المؤمنون نعمة الله": هو المذكور في الوجه الأول: "ليعرفوا فضل الله بتيسير الأمن".
روينا عن الإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج عن أنس: "لما نزلت: ﴿إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا﴾ إلى ﴿فَوْزًا عَظِيمًا﴾ مرجعه من الحديبية، وهم يخالطهم الحزن والكآبة، وقد نحر الهدي بالحديبية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد أنزلت على آية هي أحب إلى من الدنيا جميعًا"، وفي رواية الترمذي عن أنس: "فقالوا: هنيئًا مريئًا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقد بين الله لك ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فأنزل الله: ﴿لِيُدْخِلَ المُؤْمِنِينَ والْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾ ".
قوله: (وقرئ: ﴿دَائِرَةُ السَّوْءِ﴾ بالفتح): كلهم إلا أبا عمرو وابن كثير.


الصفحة التالية
Icon