والبور: من بار، كالهلك: من: هلك، بناء ومعنى، ولذلك وصف به الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، ويجوز أن يكون جمع بائر، كعائذ وعوذ. والمعنى: وكنتم قومًا فاسدين في أنفسكم وقلوبكم ونياتكم لا خير فيكم، أو: هالكين عند الله مستوجبين لسخطه وعقابه.
[﴿وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيرًا﴾ ١٣]
﴿لِلْكافِرِينَ﴾ مقام مقام "لهم"؛ للإيذان بأنّ من لم يجمع بين الإيمانين -الإيمان بالله وبرسوله- فهو كافر، ونكر ﴿سَعِيرًا﴾ لأنها نار مخصوصة، كما نكر ﴿نَارًا تَلَظَّى﴾ [الليل: ١٤].
[﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَكانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ ١٤]
﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ﴾ يدبره تدبير قادر حكيم، فيغفر ويعذب بمشيئته، ومشيئته تابعة لحكمته، وحكمته المغفرة للتائب وتعذيب المصر، ﴿وَكانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ رحمته سابقة لغضبه؛ حيث يكفر السيئات باجتناب الكبائر، ويغفر الكبائر بالتوبة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (كعائذ وعوذ)، الجوهري: "العوذ: الحديثات النتاج من الإبل والخيل، واحدتها عائذ".
قوله: (﴿لِلْكَافِرِينَ﴾ مقام مقام "لهم"): أي: أقيم الظاهر_ وهو ﴿لِلْكَافِرِينَ﴾ _ مقام المضمر، وهو: "لهم".
قوله: (ومشيئه تابعة لحكمته، وحكمته المغفرة للتائب): الانتصاف: "تقدم منه أمثال ذلك حملًا للقرآن على رأيه". وقلت: يريد: أن فيه تحريفين: أحدهما: جعل المشيئة تابعة للحكمة، والحكم بالعكس. وثانيهما: قيد الغفران باجتناب الكبائر، والكبائر بالتوبة.
واعلم أنه يمكن أن يقال_ والله أعلم_: أن قوله: ﴿ولِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ ويُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ﴾ الآية: موقعه موقع التذييل لقوله تعالى: ﴿ومَن لَّمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ ورَسُولِهِ﴾


الصفحة التالية
Icon