[﴿سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَاخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلًا﴾ ١٥]
﴿سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ﴾ الذين تخلفوا عن الحديبية: ﴿إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ﴾ إلى غنائم خيبر. ﴿أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ﴾ - وقرئ: "كلم الله"-: أن يغيروا موعد الله لأهل الحديبية، وذلك أنه وعدهم أن يعوّضهم من مغانم مكة مغانم خيبر، إذا قفلوا موادعين لا يصيبون منهم شيئًا. وقيل: هو قوله تعالى: ﴿لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا﴾ [التوبة: ٨٣].
﴿تَحْسُدُونَنا﴾ أن نصيب معكم من الغنائم، قرئ بضم السين وكسرها، ﴿لا يَفْقَهُونَ﴾ لا يفهمون إلا فهمًا ﴿قَلِيلًا﴾، وهو فطنتهم لأمور الدنيا دون أمور الدين، كقوله: ﴿يَعْلَمُونَ ظاهِرًا مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا﴾ [الروم: ٧].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الآية، على أن يقدر له ما يقابله من قوله: ومن آمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للمؤمنين الجنان، فلا يقيد شيء منه؛ ليؤذن بالتصرف التام، والمشيئة النافذة، والغفران الكامل، والرحمة الشاملة.
قوله: (أن يغيروا موعد الله): تفسير لقوله: ﴿أَن يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ﴾، وقوله: "وقرئ: كلهم الله": معترض بين التفسير والمفسر، وقوله: "قيل: هو قوله تعالى: ﴿قُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا﴾ " عطف على قوله: "يغيروا موعد الله لأهل الحديبية".
و"كلم الله": هي قراءة حمزة والكسائي، والباقون: ﴿كَلامَ اللَّهِ﴾.
وفي القول الثاني نظر؛ لأن قوله: ﴿قُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا﴾ [التوبة: ٨٣]: نازل في المتخلفين عن غزوة تبوك من المنافقين، وكانت تلك الغزوة في رجب سنة تسع، وغزوة الحديبية في سنة ست، كما ذكره ابن الجوزي في "الوفا".
قوله: (قرئ بضم السين وكسرها): أي: ﴿تَحْسُدُونَنَا﴾، بالضم: المشهورة، وبالكسر: شاذة.