ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإسلام لا يسقط عنهم بالقتال من المسلمين من دليل آخر، وإما أن لا يكون ﴿يُسْلِمُونَ﴾ في معنى الأمر، فيكون المعنى الإخبار بأن أحد الأمرين لا ينفك عن الوجود، وهو إما وجوب القتال منكم، أو حصول الإسلام منهم".
قلت: أما قوله: "أن يكون جملة مستقلة معطوفة على الجملة قبلها باعتبار الجملة لا باعتبار الأفراد"، فمناه: أن قوله: ﴿تُقَاتِلُونَهُمْ﴾ مجرور المحل صفة لـ ﴿قَوْمٍ﴾، فإذا عطف ﴿أَوْ يُسْلِمُونَ﴾ عليه باعتبار الأفراد، كان حكمهما سواء، وأما إذا عطف لا من هذه الجهة، بل بالنظر [إلى] أنها جملة كانت مستقلة.
ويؤيده ما ذكره ابن جني في "المحتسب"، قال: "أما قراءة العامة بالنصب: ﴿وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ﴾ [الرحمن: ٧] فمعطوف على ﴿يَسْجُدَانِ﴾ [الرحمن: ٦] وحدها، وهي جملة من فعل وفاعل، والعطف يقتضي التماثل في تركيب الجمل، فالتقدير: ورفع السماء، فلما أضمر" رفع"، فسره بقوله: ﴿رَفَعَهَا﴾، كقولك: قام زيد وعمرًا ضربته، أي: وضربت عمرًا، لتعطف جملة من فعل وفاعل، على أخرى مثلها.
وفي نصب "السماء" على القراءة العامة ردًا على أبي الحسن في امتناعه أن يقول: زيد ضربته وعمرًا كلمته، على تقدير: وكلمت عمرًا، عطفًا على: ضربته، لأن قوله: "ضربته" جملة ذات موضع من الإعراب، لكونها خبرًا للمبتدأ، و" كلمت عمرًا" لا موضع لهامن الإعراب، لأنها ليست خبرًا عن "زيد"؛ لخلوها من ضميره، فلا تعطف جملة غير ذات موضع على جملة ذات موضع؛ إذ العطف نظير التثنية، فينبغي أن يتناسب المعطوف والمعطوف عليه.