ثم أتاه عثمان رضي الله عنه بالصلح، فصالحهم، وانصرف بعد أن نحر بالحديبية، وحلق.
[﴿وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَاخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطًا مُسْتَقِيمًا﴾ ٢٠]
﴿وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً﴾ وهي ما يفيء على المؤمنين إلى يوم القيامة، ﴿فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ﴾ المغانم، يعني: مغانم خيبر، ﴿وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ﴾ يعني: أيدي أهل خيبر وحلفاؤهم من أسد وغطفان حين جاءوا لنصرتهم، فقذف الله في قلوبهم الرعب، فنكصوا. وقيل: أيدي أهل مكة بالصلح، ﴿وَلِتَكُونَ﴾ هذه الكفة ﴿آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ وعبرة يعرفون بها أنهم من الله تعالى بمكان، وأنه ضامن نصرهم والفتح عليهم. وقيل: رأى رسول الله ﷺ فتح مكة في منامه، ورؤيا الأنبياء صلوات الله عليهم وحي، فتأخر ذلك إلى السنة القابلة، فجعل فتح خيبر علامة وعنوانًا لفتح مكة،
﴿وَيَهْدِيَكُمْ صِراطًا مُسْتَقِيمًا﴾ ويزيدكم بصيرة ويقينًا، وثقة بفضل الله.
[﴿وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا﴾ ٢١]
﴿وَأُخْرى﴾ معطوفة على ﴿هَذِهِ﴾، أي: فعجل لكم هذه المغانم ومغانم أخرى ﴿لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها﴾ وهي مغانم هوازن في غزوة حنين، وقال: ﴿لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا﴾ لما كان فيها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ثم أتاه عثمان رضي الله عنه بالصلح): عطف على قوله: "فبايعوه تحت الشجرة"، إلى قوله: "فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنتم اليوم خير أهل الأرض"، لا على قوله: "فقسمها عليهم"، لأن فتح خيبر كان بعد مرجعه رضي الله عنه من مشركي أهل مكة بمدة مديدة.