[﴿هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابًا أَلِيمًا﴾ ٢٥]
وقرئ: ﴿وَالْهَدْيَ﴾ و"الهدي" بتخفيف الياء وتشديدها، وهو ما يهدى إلى الكعبة، بالنصب عطفًا على الضمير المنصوب في ﴿صَدُّوكُمْ﴾، أي: صدّوكم وصدّوا الهدي، وبالجر عطفًا على ﴿الْمَسْجِدِ الحَرَامِ﴾، بمعنى: وصدّوكم عن نحر الهدي، ﴿مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ﴾ محبوسًا عن ﴿أَن يَبْلُغَ﴾، وبالرفع على: وصدّ الهدي.
و﴿مَحِلَّهُ﴾: مكانه الذي يحل فيه نحره، أي يجب، وهذا دليل لأبي حنيفة على أن المحصر محل هديه الحرم. فإن قلت: فكيف حل رسول الله ﷺ ومن معه، وإنما نحر هديهم بالحديبية؟ قلت: بعض الحديبية من الحرم، وروي: أن مضارب رسول الله ﷺ كانت في الحل، ومصلاه في الحرم. فإن قلت: فإذن قد نحر في الحرم، فلم قيل: ﴿مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ﴾؟ قلت: المراد: المحل المعهود، وهو منى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (يحل فيه نحره، أي: يجب): "يجب": من الوقوع، لا من الوجوب، قال تعالى: ﴿فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا﴾ [الحج: ٣٦]، روي عن المصنف: "محل الهدي: مكان حلوله، أي: وجوبه ووقوعه، ومحل الدين: وقت حلوله، أي: وجوبه ووقوعه".
قوله: (فكيف حل رسول الله صلى الله عليه وسلم): هذا السؤال وراد على مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه، وعند الشافعي رضي الله عنه: محل الهدي حيث أحصر، وقد مر تحقيقه في سورة البقرة.
قوله: (مضارب رسول الله صلى الله عليه وسلم): المغرب: "ضرب الخيمة، وهو المضرب للقبة، بفتح الميم وكسر الراء، ومنه: كانت مضارب رسول الله ﷺ في الحل، ومصلاه في الحرم".


الصفحة التالية
Icon