ولا معروفي الأماكن، فقيل: ولولا كراهة أن تهلكوا ناسًا مؤمنين بين ظهراني المشركين، وأنتم غير عارفين بهم، فتصيبكم بإهلاكهم مكروه ومشقة، لما كف أيديكم عنهم. وحذف جواب «لولا» لدلالة الكلام عليه، ويجوز أن يكون ﴿لَوْ تَزَيَّلُوا﴾ كالتكرير لـ"لولا رجال مؤمنون"؛ لمرجعهما إلى معنى واحد، ويكون ﴿لَعَذَّبْنَا﴾ هو الجواب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
امرأته: كناية عن الجماع، وصار كالتصريح للعرف فيه، والمواطأة: وأصله: أن يطأ الرجل برجله موطئ صاحبه".
قوله: (ويجوز أن يكون ﴿لَوْ تَزَيَّلُوا﴾ كالتكرير لـ"لولا رجال مؤمنون): يعني: تخيص المعنى الأول: أن هناك قومًا مختلطين بالمشركين غير متميزين منهم، وهو ضد "تزيلوا"، لأن معناه: حصل التميز وتفرق المانع، و"لولا": لا متناع الشيء لوجود غيره، و"لو" لامتناع الشيء لامتناع غيره، فيكون مقتضى جوابهما واحدًا، فكان تكريرًا.
الانتصاف: "إنما كان مرجعهما هاهنا واحدًا، وإن كانت "لولا" تدل على الامتناع لوجود غيره، و"لو" تدل على الامتناع للامتناع؛ لأن "لولا" دخلت هاهنا على وجود معناه العدم، إذ التزيل معناه المفارقة، فصار ثبوتًا، وكان جدي يختار الوجه الثاني، ويجعله تطرئة لطول الكلام".
وقلت: ولعل المختار الأول؛ لأنه حينئذ يقرب من باب الطرد والعكس، لأن التقدير: لولا وجود رجال مؤمنين مختلطين بالمشركين غير متميزين منهم لوقع ما كان جزاء لكفرهم وصدرهم، ولو حصل التميز وارتفع الاختلاط لحصل التعذيب.


الصفحة التالية
Icon