فإن قلت: أي معرة تصيبهم إذا قتلوهم وهم لا يعلمون؟ قلت: يصيبهم وجوب الدية والكفارة، وسوء قالة المشركين أنهم فعلوا بأهل دينهم مثل ما فعلوا بنا من غير تمييز، والمأثم إذا جرى منهم بعض التقصير.
فإن قلت: قوله تعالى: ﴿لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ﴾ تعليل لماذا؟ قلت: لما دلت عليه الآية وسيقت له؛ من كف الأيدي عن أهل مكة، والمنع من قتلهم، صونًا لمن بين أظهرهم من المؤمنين، كأنه قال: كان الكف ومنع التعذيب ليدخل الله في رحمته، أي: في توفيقه لزيادة الخير والطاعة مؤمنيهم، أو: ليدخل في الإسلام من رغب فيه من مشركيهم، ﴿لَوْ تَزَيَّلُوا﴾ لو تفرقوا وتميز بعضهم من بعض؛ من: زاله يزيله. وقرئ: "لو تزايلوا".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال الإمام: "يحتمل أن يقال: جوابه ما دل عليه قوله تعالى: ﴿هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وصَدُّوكُمْ﴾، يعني: استحقوا لأن لا يهملوا، ولولا رجال مؤمنون لوقع ما استحقوه، كما يقول القائل: هو سارق، ولولا فلان لقطعن يده".
قوله: (لما دلت عليه الآية وسيقت له): يعني: هو تعليل للمجموع، قال الإمام: "والمعنى: فعل ما فعل ليدخل، لأن هناك أفعالًا من الألطاف والهداية وغيرهما، لا يقال إنك ذكرت أن المانع للوطء وجود رجال مؤمنين، كأنه قيل: كف أيديكم لئلا تطؤوا، فكيف يكون لشيء آخر؟ لأنا نقول: المعنى: كف أيديكم لئلا تطؤوا ليدخلوا، كما يقال: أطمعته ليشبع ليغفر الله لي".
قوله: (أو: ليدخل في الإسلام): يعني: إذا قيد ﴿مَنْ يَشَاءُ﴾ بالمؤمنين، فالمناسب أن


الصفحة التالية
Icon