والمعنى: أن لا تقطعوا أمرًا إلا بعد ما يحكمان به ويأذنان فيه، فتكونوا: إما عاملين بالوحي المنزل، وإما مقتدين برسول الله صلى الله عليه وسلم. وعليه يدور تفسير ابن عباس. وعن مجاهد: لا تفتاتوا على الله شيئًا حتى يقصه على لسان رسوله.
ويجوز أن يجرى مجرى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كالاكتساب والكسب. الجوهري: "يقال: حذوت النعل بالنعل حذوا: إذا قدرت كل واحدة على صاحبتها"، وضمن معنى "قدر"، وعدي ب"علي"، يقال: قدرت عليه الثواب فانقدر، أي: جاء على المقدار، فأفاد المبالغة بناء وتضمينًا.
قوله: (لا تفتاتوا على الله شيئًا): الأساس: "افتات فلان عليكم برأية: سبقكم به، ولم يشاوركم في الحديث"، وفي مجمل اللغة": "الافتئات: افتعال من الفوت، وهو السبق إلى الشيء دون ائتمار من يؤتمر، وقيل: فلان لا يفتات عليه، أي: يعمل شيء دون أمره".
قوله: (ويجوز أن يجرى): معطوف على قوله: "وقد جرت هذه العبارة" إلى آخره، أي: ويجوز أن يجرى قوله تعالى: ﴿لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ ورَسُولِهِ﴾ مجرى هذا الأسلوب، وأن يكون ذكر الله عز وجل تمهيدًا لذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعظيمًا لحرمته وإجلاله، وعلى الأول: كان المراد منه حكم الله ونص كتابه.
وهذا الأسلوب أبلغ وللمعاني أشمل، والتمثيل له أظهر، لأنه إذ حفظ مجلسه صلوات الله عليه من الفلتات والسقطات، ووقر جانبه من رفع الأصوات، كان التقديم بين يدي حكم الله أنهى، والمحافظة عليه أولى وأخرى.
ومن ثم عقب بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ﴾، وكرر النداء، وسموا بالمؤمنين؛ إيذانًا بالتنبيه على ما غفلوا عنه، وأن الإيمان هو الذي يقتضي ذلك، وفصل ذلك


الصفحة التالية
Icon