على رسول الله ﷺ وفد، أرسل إليهم من يعلمهم كيف يسلمون، ويأمرهم بالسكينة والوقار عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وليس الغرض برفع الصوت ولا الجهر: ما يقصد به الاستخفاف والاستهانة، لأنّ ذلك كفر، والمخاطبون مؤمنون، وإنما الغرض صوت هو في نفسه، والمسموع من جرسه: غير مناسب لما يهاب به العظماء، ويوقر الكبراء، فيتكلف الغض منه، وردّه إلى حدّ يميل به إلى ما يستبين فيه المأمور به من التعزير والتوقير.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفي رواية: "كاد الخيران أن يهلكا، قال ابن الزبير: فكان عمر بعد إذا حدث [النبي صلى الله عليه وسلم] بحديث، حدثه كأخي السرار، لم يسمعه حتى يستفهمه".
قال في "الفائق": كأخي السرار: أي: كلامًا مثل المسارة وشبهها لخفض صوته، والكاف في محل النصب؛ صفة مصدر محذوف، والضمير في "لا يسمعه" يرجع إلى الكاف، و"لا يسمعه" صفة لقوله: (كأخي السرار) ".
قوله: (وليس الغرض): عطف على قوله: "والمراد بقوله: ﴿لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ﴾ "، يعني: أنهم وإن نهوا عن رفع الصوت والجهر، لكن لي الغرض بذلك أنهم كانوا مباشرين ما يلزم منه الاستخفاف والاستهانة برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف وهم خير الناس؟ ! بل الغرض أن التصويت بحضرته بنفسه مباين لتوقيره وتعزيزه.
ويدل على هذا التأويل قوله: "ولم يتناول النهي أيضًا [رفع الصوت] الذي لا يتأذى به"، يعني: وإن كان الغرض في النهي الزجر عن التصويت نفسه، لكن ما بلغ إلى حد يحرم مطلقًا، لأنه إذا تناط به مصلحة من المصالح، ويكون مأمورًا به، كان واجبًا.


الصفحة التالية
Icon