وفيه: أنّ على المؤمنين أن يكونوا على هذه الصفة، لئلا يطمع فاسق في مخاطبتهم بكلمة زور. ﴿أَنْ تُصِيبُوا﴾ مفعول له، أي: كراهة إصابتكم ﴿قَوْمًا بِجَهالَةٍ﴾ -حال، كقوله: ﴿وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٢٥]-، يعني: جاهلين بحقيقة الأمر وكنه القصة. والإصباح: بمعنى الصيرورة. والندم: ضرب من الغم، وهو: أن تغتمّ على ما وقع منك تتمنى أنه لم يقع، وهو غم يصحب الإنسان صحبة لها دوام ولزام، لأنه كلما تذكر المتندّم عليه راجعه؛ من الندام: وهو لزام الشريب ودوام صحبته،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وفيه أن على المؤمنين أن يكونوا على هذه الصفة): أي: أدمج في الآية أن على المؤمنين أن يكونوا على تثبت من الأمر لئلا يطمع فاسق، وذلك من حرف التنبيه، وإيقاع ﴿آمَنُوا﴾ صلة للموصول، وجعلها سبيًا لما بعده من الحرف الموضوع لنداء البعيد، وقد نودي به القريب المقاطن على أن الخطاب الذي يتلوه معني به جدًا.
الراغب: "في قوله: ﴿إن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ تنبيه على أنه أن كان الخبر عظيمًا له قدر، فحقه أن يتوقف فيه_ وإن علم أو غلب صحته على الظن_ حتى يعاد النظر فيه، ويتبين فضل تبين".
وقوله: (من الندام): متعلق بقوله: "والندم ضرب من الغم"، أي: مأخوذ منه.
قوله: (لزام الشريب): الجوهري: "شريبك: الذي يشاربك، ويورد إبله مع إبلك، وهو فعيل بمعنى: مفاعل، مثل: نديم وأكيل"، وروي عن المصنف: أن هذه المسألة مختلف فيها، وهي أنه كلما يتذكر الإنسان ذنبًا، هل يجب عليه تجديد الندم أم يكفيه الندم مرة، ففي هذه الآية إشارة إلى أنه يجب عليه كلما تذكره أن يندم، لأن لفظ الندم ينبئ عن اللزوم، فينبغي أن يكون ملازمًا للندوم كلما تذكر.


الصفحة التالية
Icon