ومن مقلوباته: أدمن الأمر: أدامه، ومدن بالمكان: أقام به، ومنه: المدينة، وقد تراهم يجعلون الهم صاحبًا، ونجيًّا، وسميرًا، وضجيعَا، وموصوفَا بأنه لا يفارق صاحبه.
الجملة المصدّرة بـ"لو": لا تكون كلامًا مستأنفًا، لأدائه إلى تنافر النظم،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقد تراهم يجعلون الهم صاحبًا): بيان لقوله: "وهو غم يصحب الإنسان صحبة لها دوام".
قوله: (لا تكون كلامًا مستأنفًا، لأدائه إلى تنافر النظم): قال أبو البقاء: " ﴿لَوْ يُطِيعُكُمْ﴾ مستأنف، ويجوز أن يكون حالًا، والعامل فيه الاستقرار، وإنما جاز ذلك من حيث جاز أن يقع صفة للنكرة، كقولك: مررت برجل لو كلمته لكلمني، أي: متهيئ لذلك".
وقلت: إنما لم يحسن الاستئناف، لأن قوله: ﴿واعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ﴾ لو جعل موردًا للسؤال استجهالًا لهم بما كان يصدر منهم من الفلتات التي لا تليق بحضرة الرسالة، فنزلوا لذلك منزلة من لا يعلم أن فيهم رسول الله؛ بأن يقولوا: ما بالنا ورسول الله مستقر فينا، لم يقع قوله: ﴿لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ ولَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إلَيْكُمُ الإيمَانَ﴾ موقعه في الجواب، ولكن إذا جعل حالًا، بمعنى: أن فيكم من حاله أنه أرسله الله تعالى، وخصه بمنصب الرسالة، ولا يقطع أمرًا إلا بالوحي النازل، فيجب عليكم أن لا تحاولوا أن يعمل في الحوادث على مقتضى ما يعن لكم من رأي واستصواب حال حسن.
ويمكن أن يوجه طريق الاستئناف بأنه تعالى لما أرشدهم طريق الصواب بقوله: ﴿إن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا﴾، أي: استعملوا التأني فيما سنح لكم من الأمور، والتروي في كشف الأحوال، لئلا ترجعوا إلى كلام بعض الفساق فتتورطوا فيما تندمون منه، نبههم أيضًا أن فيهم رسول الله، الناطق بالنسبة العادلة، والصادع بالحكمة الساطعة، لا يرجع عن رأي كل


الصفحة التالية
Icon