فلم يجعلوه من صفات المدح لذاته، ولكن لدلالته على غيره، على أن من محققة الثقات وعلماء المعاني من دفع صحة ذلك، وخطأ المادح به، وقصر المدح على النعت بأمّهات الخير، وهي الفصاحة والشجاعة والعدل والعفة، وما يتشعب منها، ويرجع إليها، وجعل الوصف بالجمال والثروة وكثرة الحفدة والأعضاد وغير ذلك مما ليس للإنسان فيه عمل: غلطًا ومخالفة عن المعقول.
والْكُفْرَ: تغطية نعم الله تعالى وغمطها بالجحود، والْفُسُوقَ: الخروج عن قصد الإيمان ومحجته بركوب الكبائر، وَالْعِصْيانَ: ترك الانقياد والمضي لما أمر به الشارع،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فلم يجعلوه من صفات المدح لذاته): أي: لم يجعلوا حسن المنظر من صفات المدح أصالة؛ لما ينبغي أن يستعمل المدح في الفضائل الاختيارية، وإذا استعمل في غيرها أول ما يؤول إليها، فذهب فيه إلى الحقيقة والمجاز، وذهب القاضي إلى أنه للقدر المشترك حيث قال" المدح: هو الثناء على الجميل مطلقًا"، وقال الجوهري: "المدح: الثناء الحسن"، وقال الراغب: "كل حمد مدح، وليس كل مدح حمدًا"، وقال الإمام: "يقال: مدحت اللؤلؤة والفرس، ولا يقال: حمدتهما".
قوله: (والكفر تغطية نعم الله وغمطها بالجحود): الراغب: "الكفر: عبارة عن الستر، وكفر النعمة: سترها، وحقيقة الكفر: ستر نعمة الله، وأعظم الكفر ما كان مقابلًا لأعظم النعم، وهو ما يتوصل به إلى الإيمان واستحقاق الثواب، ومن قابل تلك النعمة بالكفران، فهو الكافر المطلق، ولذلك صار الكفر في الإطلاق: جحود الوحدانية والنبوة والشرائع".


الصفحة التالية
Icon