والعرق العاصي: العاند، واعتصت النواة: اشتدّت. والرشد: الاستقامة على طريق الحق مع تصلب فيه؛ من الرشادة، وهي الصخرة، قال أبو الوازع: كل صخرة رشادة، وأنشد:
وغير مقلّد وموشّمات.... صلين الضّوء من صمّ الرّشاد
و﴿فَضْلًا﴾ مفعول له، أو مصدر من غير فعله.
فإن قلت: من أين جاز وقوعه مفعولًا له، والرشد فعل القوم، والفضل فعل الله، والشرط أن يتحد الفاعل؟ قلت: لما وقع "الرشد" عبارة عن التحبيب والتزيين والتكريه، مسندة إلى اسمه تقدست أسماؤه، صار الرشد كأنه فعله، فجاز أن ينتصب عنه، أو لا ينتصب عن ﴿الرَّاشِدُونَ﴾، ولكن عن الفعل المسند إلى اسم الله تعالى، والجملة التي هي: ﴿أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ﴾ اعتراض، أو عن فعل مقدر، كأنه قيل: جرى ذلك -أو كان ذلك- فضلًا من الله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (والعرق العاصي): هو الذي لم يرقأ دمه، الأساس: "ومن المجاز: عرق عاص لا يرقأ دمه".
قوله: (وغير مقلد) البيت: "المقلد": هو الوتد، و"الموشمات": حجارة الأثافي، صليت الرجل النار: أدخلته النار، أي: لم يبق من الدار سوى الأوتاد التي تقلد بها الحبال وأحجار الأثافي، وقيل: يصف يعملات غير مقلدات يسرعن في السير بالقوة، بحيث تظهر النار من الأحجار في سيرها.
قوله: (لما وقع "الرشد" عبارة عن التحبيب): أي: كناية عنه، لأن "الرشد" دل على تحبيبهم، وتحبيبهم على أن الله حبب إليهم.


الصفحة التالية
Icon