وحكم الفئة الباغية: وجوب قتالها ما قاتلت -وعن ابن عمر: "ما وجدت في نفسي من شيء ما وجدته من أمر هذه الآية، إن لم أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرنى الله"، قاله بعد أن اعتزل-، فإذا كافت وقبضت عن الحرب أيديها تركت، وإذا تولت عمل بما روي عن النبي ﷺ أنه قال: يا ابن أم عبد، هل تدري كيف حكم الله فيمن بغى من هذه الأمّة؟ قال: الله ورسوله أعلم. قال: لا يجهز على جريحها، ولا يقتل أسيرها، ولا يطلب هاربها، ولا يقسم فيؤها».
ولا تخلو الفئتان من المسلمين في اقتتالهما: إما أن تقتتلا على سبيل البغي منهما جميعًا، فالواجب في ذلك: أن يُمشى بينهما بما يصلح ذات البين، ويثمر المكافة والموادعة، فإن لم تتحاجزا ولم تصطلحا وأقامتا على البغي: صير إلى مقاتلتهما.
وإما أن يلتحم بينهما القتال لشبهة دخلت عليهما، وكلتاهما عند أنفسهما محقة، فالواجب: إزالة الشبهة بالحجج النيرة والبراهين القاطعة، واطلاعهما على مراشد الحق، فإن ركبتا متن اللجاج، ولم تعملا على شاكلة ما هديتا إليه ونصحتا به، من اتباع الحق بعد وضوحه لهما، فقد لحقتا بالفئتين الباغيتين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لا يجهز على جريحها): يقال: أجهرت على الجريح: إذا أسرعت بقتله وأتممت عليه، النهاية: "في حديث علي رضي الله عنه: "لا يجهز على جريحهم"، أي: من صرع منهم لا يقتل، لأنهم مسلمون، والقصد من قتالهم: دفع شرهم، فإذا لم يكن ذلك إلا بقتلهم قتلوا".


الصفحة التالية
Icon