أو هو بسبب من الله المجيد، فجاز اتصافه بصفته.
قوله: ﴿بَلْ عَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ﴾ إنكار لتعجبهم مما ليس بعجب، وهو أن ينذرهم بالمخوف رجل منهم قد عرفوا وساطته فيهم وعدالته وأمانته، ومن كان على صفته لم يكن إلا ناصحًا لقومه مترفرفًا عليهم، خائفًا أن ينالهم سوء،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ابن الحارث، وكان استعمله على أهل مكة: من استعملت على أهل البوادي؟ قال: ابن أبزى، قال: ومن ابن أبزى؟ قال: مولى من موالينا، قال: أستخلفت عليهم مولى؟ ! قال: إنه قارئ لكتاب الله عالم بالفرائض، قال عمر رضي الله عنه: أما أن نبيكم ﷺ قال: "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا، ويضع به آخرين".
وعن الدرامي وابن ماجه عن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ قال: "إن لله أهلين من خلقه، يا رسول الله، من هم؟ قال: أهل القرآن": زاد ابن ماجه: "أهل الله وخاصته".
فعلى هذا: وصف القرآن بالمجيد باعتبار عامله على الإسناد المجازي، نحو: نهاره صائم، أو سمي مجيدًا لأن المتكلم به مجيد، فوصف بصفة من هو بسببه على الإسناد المجازي، نخو قوله: ﴿يس * وَالْقُرْآَنِ الْحَكِيمِ﴾ [يس: ٢].
قوله: (أو هو بسبب من الله): قيل: الباء في "بسبب" للملابسة، وكل ما يربط به شيء بشيء أو يجعل متعلقًا به منتسبًا إليه: سمي سببًا، ومن في "من الله" اتصالية.
قوله: (﴿بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءَهُم﴾): الضمير في ﴿عَجِبُوا﴾ للكافرين، وإن لم يجر لهم ذكر، فإن قوله: ﴿فَقَالَ الكَافِرُونَ﴾ جار مجرى التفسير.
قوله: (مترفرفًا عليهم): الأساس: "ذهب من كان يحفه ويرفه، أي: يضمه ويحبه ويشفق عليه، من: يرف ولده أو حبيبه، وبات يرف شفتيها: يرشفهما".