وقرئ: "إذا متنا"، على لفظ الخبر، ومعناه: إذا متنا بعد أن نرجع، والدال عليه ﴿ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ﴾.
فإن قلت: فما ناصب الظرف إذا كان "الرجع" بمعنى: المرجوع؟ قلت: ما دل عليه المنذر من المنذر به، وهو البعث.
[﴿قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ﴾ ٤]
﴿قَدْ عَلِمْنا﴾ ردّ لاستبعادهم الرجع، لأن من لطف علمه حتى تغلغل إلى ما تنقص الأرض من أجساد الموتى، وتأكله من لحومهم وعظامهم، كان قادرًا على رجعهم أحياء كما كانوا. عن النبي صلى الله عليه وسلم: «كل ابن آدم يبلى إلا عجب الذنب».
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
﴿قَدْ عَلِمْنَا﴾، أي: لقد علمنا، وحذف اللام لأن ما قبلها عوض منها، كما قال: ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا﴾ إلى قوله: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ [الشمس: ١، ٩] ".
قوله: (فما ناصب الظرف إذا كان "الرجع" بمعنى: المرجوع؟ ): يعني: إذا كان "الرجع" بمعنى المصدر، يصح أن يكون دالًا على عامل الظرف، لأن كليهما من كلام القوم، أي: أنبعث إذا متنا؟ كما قدر الزجاج، وإذا كان بمعنى: المرجوع، والمراد به جوابهم، وهو من كلام الله، كيف يصح أن يكون دالا على العامل؟ !
قوله: (عجب الذنب): روينا عن البخاري ومسلم وأبي دواد والنسائي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظيم واحد، وهو عجب الذنب، منه يركب الخلق يوم القيامة". النهاية: "العجب _بالسكون_: العظم الذي في أسفل الصلب، وهو العسيب من الدواب".