﴿غَيْرَ بَعِيدٍ﴾ نصب على الظرف، أي: مكانًا غير بعيد، أو على الحال، وتذكيره لأنه على زنة المصدر، كالزئير والصليل، والمصادر يستوي في الوصف بها المذكر والمؤنث، أو على حذف الموصوف، أي: شيئًا غير بعيد، ومعناه التوكيد، كما تقول: هو قريب غير بعيد، وعزيز غير ذليل.
وقرئ: ﴿تُوعَدُونَ﴾ بالتاء والياء، وهي جملة اعتراضية، و ﴿لِكُلِّ أَوَّابٍ﴾ بدل من قوله: ﴿لِلْمُتَّقِينَ﴾ بتكرير الجارّ، كقوله: {لِلَّذِينَ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (كالزئير والصليل): الجوهري: "الزئير": صوت الأسد في صدره، وقد زأر يزأر زأرًا وزئيرًا"، و"صل المسمار وغيره يصل صليلًا، أي: صوت".
قوله: (أي: شيئًا غير بعيد، ومعناه التوكيد): قال صاحب "الفرائد": القرب والبعد أمران نسبيان، قد يكون الشيء قريبًا إلى شيء، وبعيدًا بالنسبة إلى آخر، فقوله: ﴿غَيْرَ بَعِيدٍ﴾ يفيد أن الجنة قريبة لهم، ثم لم يكن لها بعد بوجه ما.
وقال ابن الحاجب: "يجوز أن يكون نعتًا لمصدر محذوف، أي: قربت في من غير بعيد، وإنما عبر عنه بالمضي لتحقيقه أو لتقريبه، والمراد بالتحقيق هاهنا كونه حقًا لا باطلًا، لا الوقوع الحاصل، وأما ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ﴾ [القمر: ١] و ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ﴾ [الأنبياء: ١]: فهذان حاصلان".
قوله: (وعزيز غير ذليل): روي عن المصنف أنه قال: لأنه يجوز أن يتناول العزيز ذل ما من بعض الوجوه، إلا أن الغالب عليه العز، فيقال: "غير ذليل" ليزال ذلك التوهم، وذلك في كل تأكيد.
قوله: (قرئ ﴿تُوعَدُونَ﴾ بالتاء والياء): ابن كثير: بالياء التحتانية، والباقون: بالتاء.