لأنّ من لا يحضر ذهنه فكأنه غائب، وقد ملح الإمام عبد القاهر في قوله لبعض من يأخذ عنه:
ما شئت من زهزهة والفتى.... بمصقلاباذ لسقي الزروع
أو: وهو مؤمن شاهد على صحته وأنه وحي من الله، أو: وهو بعض الشهداء في قوله: ﴿لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [البقرة: ١٤٣]، وعن قتادة: وهو شاهد على صدقه من أهل الكتاب لوجود نعته عنده.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقد ملح الإمام): وقيل: ملح الشاعر: إذا أتى بشيء مليح، ملح الشيء_ بالضم_ ملوحة وملاحة، أي: حسن، الأساس: "فلان يتملح ويتظرف".
قوله: (لبعض من يأخذ عنه): أي: يستفيد مه، قيل: الفتى: أبو عامر الجرجاني، وفي "المطلع":
يجيء في فضلة وقت له.... مجيء من شاب الهوى بالنزوع
ثم ترى جلسة مستوفز.... قد شددت أحماله بالنسشوغ
ما شئت من زهزهة والفتى.... بمصقلا باذ لسقس الزروع
الزهزهة: التحسين، معرب، يقال عند الاستحسان: "زه"، زه"، قال: "ويجوز أن يكون قلب الهز، وكرره مبالغة في الهز"، يعني: أن قول التلميذ في حال تعليمي إياه: "زه، زه" كثير، وقلبه غائب عنه، وذاهب إلى مصقلاباذ لسقي زروعه، وهو محلة بجرجان، فـ"ما" إبهامية، و"من" بيان، وهو مقول محذوف، أي: ترى جلسة مستوفز قائلًا ما شئت من "زه زه" وقلبه غافل.
قوله: (أو: وهو بعض الشهداء): اعلم أن قوله: ﴿وهُوَ شَهِيدٌ﴾ عطف على صلة الموصول، و"الشهيد": إما بمعنى الحاضر أو القائم بالشهادة، والمعنى على الأول: أن فيما


الصفحة التالية
Icon