وقرأ السدي وجماعة: "ألقي السمع" على البناء للمفعول،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ذكرنا من الآيات الظاهرة والبيانات الشافية لذكر لمن كان له قلب شرحه الله تعالى للإسلام، فهو على نور يدرك الحق أول ما يسطع نوره نور قلبه، فيؤمن من غير فكر وروية، كقلوب العارفين والصديقين، كما آمن الصديق رضوان الله عليه كذلك، أو اتعاظ بمن هو دون أولئك، فيحتاج في القبول إلى إلقاء السمع واستحضار الذهن، كأرباب النهى، فإنهم ما آمنوا إلا بعد الروية واستعمال الفكر ومشاهدة المعجزات القاهرة.
وعلى أن يراد بـ"الشهيد": القائم بالشهادة، لا بد من شرط الإيمان لتقبل شهادتهم، إما في الدنيا وهو كل مؤمن؛ بر وفاجر، وإما في العقبى وهو بعض المؤمنين الذين تقبل شهادتهم على سائر الأمم، وهو المراد من استشهاده بقوله: ﴿لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [البقرة: ١٤٣].
وقيل: يتذكر بالقرآن أحد رجلين؛ إما رجل له قلب وعقل يعرف معجزته، فيؤمن به، وإما رجل سميع مسترشد.
قوله: ("ألقي السمع" على البناء للمفعول): قال صاحب "التقريب": السمع: إما له وإما لغيره، فعلى الأول: معناه ألقي السمع منه، أو سمعه، ليرجع الضمير إلى الموصول، وعلى الثاني: معناه: لمن ألقى غيره السمع وفتحه فحسب في حال كونه شهيدًا، والمراد: لمن شهد وحضر ذهبه حال غفلة الناس وقتحهم السمع فقط بلا تفطن، وظاهره: أو غابوا حال تفطنه، فيصدق أنه تفطن حال غيبتهم، وهو المطلوب، ثم إما أن يقدر تكرير الموصول في المعطوف أو لا يقدر، فالوجه الأول: أن فيه ذكرى لمن تفطن بنفسه، أو لغير متفطن ولكنه مصغ إلى متفطن، والثاني: أن فيه ذكرى للشحص حال تفطنه، أو حال إصغائه إلى متفطن أن لم يكن حال تفطنه، فالذكرى على الأول: باعتبار شخصين، وعلى الثاني: بإعتبار شخص له حالين.