وعن الصغائر إذا اجتنبت الكبائر، ﴿وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ﴾ قرئ بالتاء والياء، أي: يعلمه فيثيب على حسناته، ويعاقب على سيئاته.
[﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ﴾ ٢٦]
﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أي: يستجيب لهم، فحذف اللام كما حذف في قوله تعالى: ﴿وَإِذا كالُوهُمْ﴾ [المطففين: ٣]، أي: يثيبهم على طاعتهم ويزيدهم على الثواب تفضلًا، أو: إذا دعوه استجاب دعاءهم، وأعطاهم ما طلبوا، وزادهم على مطلوبهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوبة" وبين "يعفو عن السيئات"؛ لأن قبول التوبة ليس إلا العفو عن السيئات، بل المعنى: من شأنه قبول التوبة عن عباده إذا تابوا، والعفو عن سيئاتهم محض رحمته أو بشفاعة شافع، قال الإمام: "إنه تعالى تارة يعفو بواسطة التوبة، وأخرى يعفو ابتداء من غير توبة".
قوله: (قرئ بالتاء والياء): حفص وحمزة والكسائي: بالتاء الفوقانية، والباقون: بالياء.
قوله: (أي: يعلمه فيثيب على حسناته، ويعاقب على سيئاته): يعني: ﴿ويَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ جاء تذييلًا للسابق، فإن قوله: ﴿يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ويَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ﴾ دل على أن العفو تعلق بالسيئات المتوب عنها، فلابد من وجود سيئات غير متوب وغير معفو عنها، فاتصل قوله: ﴿ويَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ بهما بحسب الثواب والعقاب، وفيه تعسف.
وقال القاضي: " ﴿ويَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ فيجازي ويجاوز عن إتقان وحكمة"، أي: يجازي التائب ويجاوز عن غير التائب، وصدورهما عنه عز وجل عن إتقان منه وحكمة، وإن لم ندرك ذلك بعقولنا، فلا اعتراض لأحد عليه.


الصفحة التالية
Icon