وقيل: الاستجابة فعلهم، أي: يستجيبون له بالطاعة إذا دعاهم إليها، ﴿وَيَزِيدُهُمْ﴾ هو ﴿مِنْ فَضْلِهِ﴾ على ثوابهم، وعن سعيد بن جبير: هذا من فعلهم: يجيبونه إذا دعاهم، وعن إبراهيم بن أدهم أنه قيل له: ما بالنا ندعو فلا نجاب؟ قال: لأنه دعاكم فلم تجيبوه، ثم قرأ: ﴿وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ﴾ [يونس: ٢٥]، ﴿وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾.
[﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾ ٢٧]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقيل: الاستجابة فعلهم): قال أبو البقاء: "على هذا: ﴿الَّذِينَ﴾ في موضع رفع، أي: ينقادون له".
وقلت على الوجه الأول: ﴿ويَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ عطف على ﴿يَقْبَلُ التَّوْبَةَ﴾، فتشتمل الآيتان على أصناف المكلفين؛ الموافقين منهم والمخالفين، فإن المؤمن: إما عاص أو غير عاص، والأول: تائب أو غير تائب، والكافر من صنف المخالفين، وقد بين في الآيتين ما لكل من الأصناف، ومعاملة الله مع كل فريق من قبول التوبة والعفو والاستجابة والعذاب.
وعلى الوجه الثاني: ﴿ويَسْتَجِيبُ﴾ عطف على مجموع قوله: ﴿وهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ﴾، وقوله: ﴿ويَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ﴾ عطف على مقدر هو مسبب عن قوله: ﴿ويَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾، على منوال قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ [النمل: ١٥]، أي: عملًا به وعرفًا حق النعمة وقالا: الحمد لله، فالمعنى: ويستجيبون لله بالطاعة حين دعاهم، فيستجيب لذلك دعاءهم، ويوفيهم أجورهم، ويزيدهم من فضله، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِه﴾ [فاطر: ٢٩ - ٣٠].


الصفحة التالية
Icon