﴿لَبَغَوْا﴾ من البغي؛ وهو الظلم، أي: لبغى هذا على ذاك، وذاك على هذا، لأنّ الغنى مبطرة مأشرة، وكفى بحال قارون عبرة، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: «أخوف ما أخاف على أمّتي زهرة الدنيا وكثرتها»، ولبعض العرب:
وقد جعل الوسمي ينبت بيننا.... وبين بني رومان نبعًا وشوحطا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن هذا المقام أجاب السيد الجليل إبراهيم بن أدهم عن قول السائل: ما بالنا فلا نجاب؟ بقوله: "لأنه دعاكم فلم تجيبوه، ثم قرأ: ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ﴾ [يونس: ٢٥]، ﴿ويَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ ". وإلا فالاستجابة في هذا الوجه استجابة المؤمن لله تعالى بالطاعة إذا دعاه إليها.
قوله: (أخوف ما أخاف على أمتي) الحديث: من رواية البخاري ومسلم والنسائي عن أبي سعيد قال: "جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجلسنا حوله، فقال: أن مما أخاف عليكم بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها. فقال رجل: أو يأتي الخير بالشر يا رسول الله؟ " الحديث بطوله ذكرناه.
قوله: (وقد جعل الوسمي) البيت: سمي المطر وسيمًا؛ لأنه يسم الأرض بالنبات، و"النبع": شجر يتخذ منه القسي، و"الشوحط": يتخذ منه السهام، يعني: أنهم إذا أمطروا وأخصبوا، فتذكروا الذحول، وطلبوا الأوتار. وفي هذا البيت من حسن التعليل ما بلغ غايته، فكأن المطر أنبت لهم آلة الحرب من القسي والسهام.