ومع البسط أكثر وأغلب، وكلاهما سبب ظاهر للإقدام على البغي والإحجام عنه، فلو عم البسط لغلب البغي حتى ينقلب الأمر إلى عكس ما عليه الآن.
[﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ﴾ ٢٨]
قرئ: ﴿قَنَطُوا﴾ بفتح النون وكسرها، ﴿وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ﴾ أي: بركات الغيث ومنافعه وما يحصل به من الخصب. وعن عمر رضي الله عنه أنه قيل له: اشتدّ القحط وقنط الناس، فقال: مطروا إذن. أراد هذه الآية. ويجوز أن يريد: رحمته في كل شيء، كأنه قال: ينزل الرحمة التي هي الغيث، وينشر غيرها من رحمته الواسعة.
﴿الْوَلِيُّ﴾ الذي يتولى عباده بإحسانه ﴿الْحَمِيدُ﴾ المحمود على ذلك، يحمده أهل طاعته.
[﴿وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ﴾ ٢٩]
﴿وَما بَثَّ﴾ يجوز أن يكون مرفوعًا ومجرورًا يحمل على المضاف إليه أو المضاف.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (والإحجام عنه): النهاية: "أحجم القوم: نكصوا وتأخروا"، وهو مطابق لقوله: "للإقدام على البغي".
قوله: (﴿قَنَطُوا﴾ بفتح النون وكسرها): بالفتح: السبعة، والكسر: شاذ.
قوله: (ويجوز أن يريد: رحمته في كل شيء): فعلى هذا: هو من عطف العام على الخاص، فيكون قوله: ﴿وهُوَ الوَلِيُّ الحَمِيدُ﴾ تذييلًا للقرينتين على طريقة الجمع، أي: هو المتولي للغيث ونشر سائر الرحمة، وله الحمد على هذا الإحسان، وله الثناء والمحمدة على كل الأفضال.
قوله: (على المضاف إليه أو المضاف): أي: ومن آياته خلق السماوات وخلق ما بث فيهما، ومن آياته ما بث فيهما، ويمكن أن يقال: ومن آياته بث ما فيهما، على أن "ما" مصدرية، والمضاف إليه محذوف.


الصفحة التالية
Icon