﴿أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا﴾ بمعنى: أفننحي عنكم الذكر ونذوده عنكم، على سبيل المجاز، من قولهم: ضرب الغرائب عن الحوض، ومنه قول الحجاج: ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل، وقال طرفة:
أضرب عنك الهموم طارقها.... ضربك بالسّيف قونس الفرس
والفاء للعطف على محذوف، تقديره: أنهملكم فنضرب عنكم الذكر،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ونذوده عنكم، على سبيل المجاز): أي: الاستعارة التمثيلية، أستعار للتنحية "الضرب" الذي بمعنى الذياد، بعد أن شبه حالة هذه التنحية بحالة ذود غرائب الإبل عن الحوض، وبولغ فيه، ثم استعمل هنا ما كان مستعملًا هناك. قال الميداني: "ضربه ضرب غرائب الإبل، ويروى: أضربه ضرب غريبة الإبل، وذلك أن الغريبة تزدحم على الحياض عند الورد، وصاحب الحياض يطردها ويضربها بسبب إبله، ومنه قول الحجاج في خطبته يهدد أهل العراق: "والله لأضربنكم ضرب غرائب الإبل"، قال الأعشى:
كطوف الغريبة وسط الحياض.... تخاف الردى وتريد الجفار!
يضرب في دفع الظالم عن ظلمه بأشد ما يمكن".
قوله: (اضرب عنك الهموم) البيت: أي: "اضربن"، فحذفت النون الخفيفة، وحركت الباء بالفتح، و"طارقها": ما يطرق بالليل، وهو بدل اشتمال من "الهموم". و"القونس": منبت شعر الناصية، وهو عظم ناتئ بين أذني الفرس، والبيت يحتمل المشاكلة أيضًا.


الصفحة التالية
Icon