أي اقتربت الساعة واقترب كل أمر مستقر يستقر ويتبين حاله.
[﴿ولَقَدْ جَاءَهُم مِّنَ الأَنبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ * حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ * فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إلَى شَيْءٍ نُّكُرٍ * خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ * مُهْطِعِينَ إلَى الدَّاعِ يَقُولُ الكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ﴾ ٤ - ٨].
﴿مِّنَ الأَنبَاءِ﴾ من القرآن المودع أنباء القرون الخالية، أو أنباء الآخرة وما وصف من عذاب الكفار.
﴿مُزْدَجَرٌ﴾ ازدجار أو موضع ازدجار. والمعنى: هو في نفسه موضع الازدجار ومظنة له، كقوله تعالى: ﴿لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: ٢١] أي: هو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أي: اقتربت الساعة واقترب كل أمر مستقر) عن بعضهم: هو عطف قوله: ﴿وكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ﴾ بأسره على قوله: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ﴾، وهو عطف مفرد، وهو المضاف والمضاف إليه الموصوف على مفرد هو الساعة، فالعطف لتتميم المعنى، فيكون قوله: ﴿وانشَقَّ القَمَرُ﴾ بعضًا من هذه الأمور المستقرة ذكر لتخصيصه، وأنه من أعظم الأمور، فيجوز أن يكون من باب قوله: ﴿وَمَلَائِكَتِهِ... وَجِبْرِيلَ﴾ [البقرة: ٩٨]، إذا قدر: واقترب كل أمر مستقر قبله، أو من باب عطف ﴿سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ﴾ [الحجر: ٨٧]، إذا قدر بعده، وأما توسيط قوله: ﴿وإن يَرَوْا آيَةً﴾ إلى آخره، فللاستطراد لذكر انشقاق القمر توبيخًا أو تقريعًا، ﴿وكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ﴾ على أن يكون جملة برأسها، كان تذييلًا للكلام السابق، ولذلك عم الحكم بقوله: "كل أمر لابد وأن يصير إلى غاية يستقر عليها".
قوله: (هو في نفسه موضع الازدجار) و"في" فيه تجريدية، نحو قوله تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ [الأحزاب: ٢١]. الراغب: مزدجر، أي: طرد ومنع عن ارتكاب المأثم، واستعمال الزجر فيهم لصياحهم بالمطرود، نحو أن يقال: اغرب، وتنح، ووراءك.


الصفحة التالية
Icon