قالوا: هو مجنون، وقد ازدجرته الجن وتخبطته وذهبت بلبه وطارت بقلبه.
قرئ: ﴿أَنِّي﴾ بمعنى: فدعا بأني مغلوب، و (إني): على إرادة القول، فدعا فقال: إني مغلوب غلبني قومي، فلم يسمعوا مني واستحكم اليأس من إجابتهم لي.
﴿فَانتَصِرْ﴾: فانتقم منهم بعذاب تبعثه عليهم، وإنما دعا بذلك بعد ما طم عليه الأمر وبلغ السيل الزبى، فقد روي: أن الواحد من أمته كان يلقاه فيخنقنه حتى يخر مغشيا عليه، فيفيق وهو يقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون.
وقرئ ﴿فَفَتَحْنَا﴾ مخففا ومشددا، وكذلك ﴿وفَجَّرْنَا﴾. ﴿مُّنْهَمِرٍ﴾ منصب في كثرة وتتابع لم ينقطع أربعين يوما.
﴿وفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا﴾ وجعلنا الأرض كلها كأنها عيون تنفجر، وهو أبلغ من قولك: وفجرنا عيون الأرض، ونظيره في النظم: ﴿واشْتَعَلَ الرَّاسُ شَيْبًا﴾ [مريم: ٤].
﴿فَالْتَقَى المَاءُ﴾ يعنى مياه السماء والأرض. وقرئ: (الماءان)، أي: النوعان من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خارج عن حيز القول، عطف على "قالوا" ذلك القول، وما اكتفوا به، بل ضموا إليه هذا الفعل، ولهذا قال: "وانتهروه بالشتم والضرب".
قوله: (وبلغ السيل الزبى) قال الميداني: وهي جمع زبيبة، وهي حفرة تحفر للأسد في الرابية إذا أرادوا صيده، لا يعلوها الماء، فإذا بلغ إليها السيل كان جارفًا مجحفًا يضرب لما جاوز الحد.
قوله: (قرئ: ﴿فَفَتَحْنَا﴾ مخففًا ومشددًا) ابن عامر: بالتشديد، والباقون: بالتخفيف.
قوله: (ونظيره في النظم: ﴿وَاشْتَعَلَ الرَّاسُ شَيْبًا﴾ [مريم: ٤])، قال صاحب "المفتاح": إسناد الاشتعال إلى الرأس لإفادة شمول الاشتعال الرأس، إذ وزان اشتعل شيب رأسي،