﴿جَزَاءً﴾ مفعول له، لما قدم من فتح أبواب السماء وما بعده، أي فعلنا ذلك جزاء، ﴿لِّمَن كَانَ كُفِرَ﴾ وهو نوح عليه السلام، وجعله مكفورا لأن النبي ﷺ نعمة من الله ورحمة. قال الله تعالى: ومَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: ١٠٧] فكان نوح عليه السلام نعمة مكفورة، ومن هذا المعنى ما يحكى أن رجلا قال للرشيد: الحمد لله عليك، فقال: ما معنى هذا الكلام؟ قال: أنت نعمة حمدت الله عليها.
ويجوز أن يكون على تقدير حذف الجار وإيصال الفعل. وقرأ قتادة: (كفر)، أي: جزاء للكافرين. وقرأ الحسن (جزاء) بالكسر: أي مجازاة.
الضمير في ﴿تَّرَكْنَاهَا﴾ للسفينة. أو للفعلة، أي: جعلناها آية يعتبر بها. وعن قتادة: أبقاها الله بأرض الجزيرة- وقيل: على "الجودي"- دهرا طويلا، حتى نظر إليها أوائل هذه الأمة. والمذكر: المعتبر. وقرئ: (مذتكر) على الأصل، و (مذكر)، بقلب التاء ذالا وإدغام الذال فيها، وهذا نحو: (مزجر). والنذر: جمع نذير وهو الإنذار ﴿ولَقَدْ يَسَّرْنَا القُرْآنَ لِلذِّكْرِ﴾ أي سهلناه للادكار والاتعاظ، بأن شحناه بالمواعظ الشافية، وصرفنا فيه من الوعيد والوعيد ﴿فَهَلْ مِن﴾ متعظ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
دسره بالرمح، ورجل مدسر، كقولك: مطعن. وروي: ليس في العنبر زكاة، إنما هو شيء دسره البحر.
قوله: (على تقدير حذف الجار وإيصال الفعل) والكفر على هذا ضد الإيمان، والأصل: لمن كان كفر به، ثم حذف الجار فبقي المفعول، ولما بني الفعل للمفعول انقلب المجرور مرفوعًا والبارز مستكنًا.
قوله: (بأن شحناه) أي: ملأناه، الجوهري: شحنت السفينة: ملأتها، قال الله تعالى: ﴿فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ﴾ [الشعراء: ١١٩] عبر عن تكرير المواعظ والوعد والوعيد بالتيسير،