تقول: أتيته بكرة وغدوة بالتنوين، إذا أردت التنكير، وبكرة وغدوة إذا عرفت وقصدت بكرة نهارك وغدوته.
﴿عَذَابٌ مُّسْتَقِرٌّ﴾ ثابت قد استقر عليهم إلى أن يفضي بهم إلى عذاب الآخرة.
فإن قلت: ما فائدة تكرير قوله: ﴿فَذُوقُوا عَذَابِي ونُذُرِ * ولَقَدْ يَسَّرْنَا القُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾؟
قلت: فائدته أن يجددوا عند استماع كل نبأ من أنباء الأولين ادكارا واتعاظا، وأن يستأنفوا تنبها واستيقاظا، إذا سمعوا الحث على ذلك والبعث عليه، وأن يقرع لهم العصا مرات، ويقمقع لهم الشن تارات؛ لئلا يغلبهم السهو، ولا تستولي عليهم
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وبكرة وغدوة إذا عرفت)، قال ابن الحاجب: وضعوا لأوقات أعلامًا كما وضعوا للمعاني الموجودة، وإن لم تكن الأوقات شيئًا موجودًا، أجراها مجرى الأمور الموجودة، والدليل على أنه علم: سير على فرسه غدوة، فغدوة غير منصرف، وإن لم يكن علمًا لوجب صرفه إذ ليس فيه إلا التأنيث اللفظي، والتأنيث اللفظي بالتاء لا يمنع إلا مع العلمية، وقد يستعمل نكرة، فيعرف باللام كغيره.
قوله: (وأن يقرع لهم العصا مرات) مضى تفسيره في أول البقرة.
قوله: (ويقعقع الشن تارات) الشن: القربة الخلق، وقيل في المثل: لا يقعقع بالشنان قال النابغة:
كأنك من جمال بني أقيش.... يقعقع خلف رجليه بشن
أي: كأنك جمل من جمال هذه القبيلة، أي: إنك جبان في الحرب لا تقدر على الطعان، ولا تقرب إلى الحرب، بل عنها كما ينفر الجمل من صوت الشن وعن قعقعته.


الصفحة التالية
Icon