..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من ﴿كُلَّ﴾، أي: مقدرًا، ويقرأ بالرفع على الابتداء، و ﴿خَلَقْنَاهُ﴾ نعت لـ ﴿كُلَّ﴾ أو لـ ﴿شَيْءٍ﴾، و ﴿بِقَدَرٍ﴾ خبره وإنما كان النصب أقوى لدلالته على عموم الخلق، والرفع لا يدل على عمومه، بل يفيد أن كل شيء مخلوق فهو بقدر.
وذهب ابن الحاجب إلى أن "كل شيء" مبتدأ، و ﴿خَلَقْنَاهُ﴾ خبره، و ﴿بِقَدَرٍ﴾ حال، والمجموع خبر "إن"، فيفيد المعنى المقصود من الآية، لكن لا يأمن من أن يغلط بعض فيجعل ﴿خَلَقْنَاهُ﴾ صفة لـ"كل شيء"، و ﴿بِقَدَرٍ﴾ خبرًا له، فيكون التقدير: كل شيء مخلوق لنا بقدر، فيفيد غير المقصود، لأنه يوهم وجود شيء ليس بقدر، لأنه غير مخلوق له، فكان النصب أولى لما فيه النصوصية على المقصود.
الانتصاف: ما مهده النحاة اختيار رفع "كل"، ولم يقرأ بها أحد من السبعة، لأن الكلام مع الرفع جملة واحدة، ومع النصب جملتان، فالرفع أخصر، ولا مقتضى للنصب ها هنا من الأمور الستة؛ من الأمر والنهي إلى آخرها، وإنما وقع إجماع السبعة على النصب، لأنه لو رفع لكانت ﴿خَلَقْنَاهُ﴾: صفة لـ ﴿شَيْءٍ﴾، و ﴿بِقَدَرٍ﴾: خبرًا عن "كل شيء"، المقيد بالصفة، ومعناة: أن كل شيء مخلوق لنا بقدر، فيفهم ذلك أن مخلوقًا ما يضاف إلى غير الله ليس بقدر، وعلى النصب يصير الكلام: إنا خلقنا كل شيء ﴿بِقَدَرٍ﴾، فيفيد عموم نسبة كل مخلوق إلى الله تعالى، وهذه الفائدة لا توازيها الفائدة اللفظية مع ما فيها من نقص المعنى، لا جرم اجتمعت السبعة عليها. ولما كان الزمخشري يرى أن أفعال العباد مخلوقة لهم، استروح إلى قراءة الرفع وإن كانت شاذة، وإجماع المتواترة حجة عليه.
وأما بيان النظم فهو ما عليه قول الزجاج: المعنى: ما خلقناه فمقدور مكتوب في اللوح المحفوظ قبل وقوعه، والآيات من قوله: ﴿إنَّ المُجْرِمِينَ﴾، إنما نزلت في القدرية،