فإن قلت: أي تناسب بين هاتين الجملتين، حتى وسط بينهما العاطف؟
قلت: إن الشمس والقمر سماويان، والنجم والشجر أرضيان، فبين القبيلين تناسب من حيث التقابل، وأن السماء والأرض لا تزالان تذكران قرينتين، وأن جري الشمس والقمر بحسبان من جنس الانقياد لأمر الله، فهو مناسب لسجود النجم والشجر.
وقبل ﴿عَلَّمَ القُرْآنَ﴾ جعله علامة وآية. وعن ابن عباس رضي الله عنه: الإنسان آدم. وعنه أيضا: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعن مجاهد: النجم: نجوم السماء.
﴿والسَّمَاءَ رَفَعَهَا﴾ خلقها مرفوعة مسموكة، حيث جعلها منشأ أحكامه، ومصدر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (﴿والسَّمَاءَ رَفَعَهَا﴾: خلقها مرفوعة)، قال ابن جني: هو عطف على قوله: ﴿يَسْجُدَانِ﴾ وحدها، وهي جملة من فعل وفاعل، نحو قولك: قام زيد وعمرًا ضربته، أي: وضربت عمرًا. ومضى تقريره في الفتح.
وقال صاحب "الكاشف": ﴿والسَّمَاءَ رَفَعَهَا﴾ جاء بالنصب عن الأئمة، لأنك إذا قلت: زيد لقيته، وعمرًا كلمته، نختار نصب عمرًا، وإذا أريد الحمل على لقيته فمعك جملتان؛ صغرى وكبرى، أي لقيته، وزيدًا لقيته، هذا مذهب سيبويه، واعترض عليه أنه لو عطف على محل لقيته كان التقدير: عمرًا كلمته؟ ويؤول المعنى إلى معنى: زيد كلمت عمرًا، وهو فاسد، إذ لا عائد في الجملة إلى زيد. وأجاب أبو علي أن المعطوف على الشيء لا يعتبر فيه حال ذلك الشيء وتلا باب قولهم:
متقلدًا سيفًا ورمحا
وزعم أن الإعراب لم يظهر في موضغ لقيته وما لا يظهر إلى اللفظ كان كالمطرح، وفزع إلى باب التسمية بباب ودار، وأنهما مصروفان بخلاف قدم وفخذ.