كأنهما مزادتا متعجل.... فريان لما تدهنا بدهان
وقيل: الدهان: الأديم الأحمر.
وقرأ عمرو بن عبيد (وردة) بالرفع، بمعنى: فحصلت سماء وردة، وهو من الكلام الذي يسمى بالتجريد، كقوله:
فلئن بقيت لأرحلن بغزوة.... تحوي الغنائم أو يموت كريم
﴿إنسٌ﴾ بعض من الإنس، ﴿جَانٌّ﴾ أربد به: ولا جن: أي: ولا بعض من الجن، فوضع الجان الذي هو أبو الجن موضع الجن، كما يقال: هاشم، ويراد ولده.
وإنما وحد ضمير الإنس في قوله: ﴿عَن ذَنْبِهِ﴾ لكونه في معنى البعض. والمعنى: لا يسألون لأنهم يعرفون بسيما المجرمين، وهي سواد الوجوه وزُرقة العيون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (كأنهما مزادتا متعجل) البيت، أي: كأن عينيه في انسكاب الدموع مزادتان خرزهما متعجل فما أحكم خرزهما، فهما يكفان ماء.
قوله: (وهو من الكلام الذي يسمى التجريد) وهو: أن ينتزع من أمر ذي صفة آخر مثله فيها لكمالها فيه، جرد هاهنا من السماء شيئًا يسمى وردة، وهي هي، كما جرد الشاعر من نفسه صفة الكرم وجعلها بمنزلة شخص لكمالها فيه، وعلى المشهور تشبيه محض، أي: كانت السماء كالوردة.
قوله: (وحد ضمير الإنس في قوله: ﴿عَن ذَنبِهِ﴾ لكونه في معنى البعض)، قيل: هذا إضمار عن غير مذكور، والذنب يدل على المذنب لا يسأل عن ذنب المذنب إنس ولا جان، أي: لا


الصفحة التالية
Icon