فإن قلت: هذا خلاف قوله تعالى: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الحجر: ٩٢].
وقوله: ﴿وقِفُوهُمْ إنَّهُم مَّسْئُولُونَ﴾ [الصافات: ٢٤].
قلت: ذلك يوم طويل وفيه مواطن، فيسألون في موطن ولا يسألون في آخر: قال قتادة: قد كانت مسألة، ثم ختم على أفواه القوم، وتكلمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون. وقيل: لا يسأل عن ذنبه ليعلم من جهته، ولكن يسأل سؤال توبيخ. وقرأ الحسن وعمرو بن عبيد (ولا جان) فرارا من التقاء الساكنين، وإن كان على حده.
[﴿يُعْرَفُ المُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي والأَقْدَامِ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا المُجْرِمُونَ * يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ * فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَان﴾ ٤١ - ٤٥].
﴿فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي والأَقْدَامِ﴾ عن الضحاك: يجمع بين ناصيته وقدمه في سلسلة من وراء ظهره، وقيل تسحبهم الملائكة؛ تارة تأخذ بالنواصي، وتارة تأخذ بالأقدام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يؤخذ أحد بذنب غيره. وقال صاحب "الإيجاز": لا يسأل عن ذنبه، لا يسأل أحد عن ذنب أحد، والظاهر أن التقدير: لا يسأل إنس ولا جان عن ذنب واحد منهما، لأن المراد البعض المجرم مهم خاصة، يدل عليه الاستئناف بقوله: ﴿يُعْرَفُ المُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ﴾، فمعنى السؤال لا يسأل أحد عن أنه مذنب، أم لا، لأن سيماهم وهي سواد الوجوه وزرقة العيون دال على ذلك.
قوله: (وإن كان على حده) وحده: أن يكون الأول حرف لين والآخر مدغمًا.