فإن قلت: بم انتصب إذن؟ قلت: بـ "ليس"؛ كقولك: يوم الجمعة ليس لي شغل، أو بمحذوف؛ يعني: إذا وقعت كارن كيت وكيت: أو بإضمار اذكر.
﴿كَاذِبَةٌ﴾ نفس كاذبة، أي: لا تكون حين تقع نفس تكذب على الله، وتكذب في تكذيب الغيب؛ لأن كل نفس حينئذ مؤمنة صادقية مصدقة، وأكثر النفوس اليوم كواذب مكذبات، كقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا رَأَوْا بَاسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ [غافر: ٨٤]، ﴿لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوُا العَذَابَ الأَلِيمَ﴾ [الشعراء: ٢٠١]، ﴿وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ حَتَّى تَاتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً﴾ [الحج: ٥٥] واللام مثلها في قوله تعالى: ﴿يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾ [الفجر: ٢٤] أو ليس لها نفس تكذبها وتقول لها: لم تكوني، كما لها
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تأكيدًا للوجوب والإيقاع، يقال في الإسقاط، وفي شن الحرب، ويكنى عن الحرب بالواقعة، وكل سقوط شديد يعبر عنه بذلك، وعنه استعير الوقيعة في الإنسان، والتوقيع: أثر الدبر بظهر البعير، وأثر الكتابة في لكتاب، ومنه استعير التوقيع في القصص.
قوله: (وتكذب في تكذيب الغيب)، أي: لا يكون في القيامة نفس تنسب إلى الكذب، وتسمى كاذبة لأجل تكذيبها للغيب، كما في الدنيا، وهو المراد بقوله: "وأكثر النفوس اليوم كواذب مكذبات"، لأن كل من يكذب الحق فهو كاذب، لأنه يقول بخلاف ما هو كائن.
قوله: (واللام مثلها في قوله تعالى: ﴿قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾) أي: وقت حياتي، المعنى في الوقت الذي كنت حيًا، قال صاحب "التقريب: ": هو لام التاريخ.
قوله: (أو ليس لها نفس تكذبها وتقول لها: لم تكوني)، هذا يحتمل أن يكون صادرًا عن اللسان، وأن يكون قد فعل ما يلابس التكذيب، وإن صدق باللسان. قال في "الفائق" في قوله: "كذب، عليك الحج": "كذب" كلمة جرت مجرى المثل في كلامهم، وهي في معنى الأمر، كأنه يريد أن يكذب ها هنا، تمثيل لإرادة: اترك ما سولت إليك نفسك من التواني في


الصفحة التالية
Icon