قولك: فلان مني باليمين، وفلان مني بالشمال: إذا وصفتهما بالرفعة عندك والضعة؛ وذلك لتيمنهم بالميامن، وتشاؤمهم بالشمائل، ولتفاؤلهم بالسانح وتطيرهم من البارح، ولذلك اشتقوا لليمين الاسم من اليمن، وسموا الشمائل الشؤمى.
وقيل: أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة: أصحاب اليمين والشؤم؛ لأن السعداء ميامين على أنفسهم بطاعتهم، والأشقياء مشائيم عليها بمعصيتهم. وقيل: يؤخذ بأهل الجنة ذات اليمين وبأهل النار ذات الشمال.
[﴿والسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُوْلَئِكَ المُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ * وقَلِيلٌ مِّنَ الآخِرِينَ * عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ * مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ * يَطُوفُ عَلَيْهِمْ ولْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وأَبَارِيقَ وكَاسٍ مِّن مَّعِينٍ * لا يُصَدَّعُونَ عَنهَا ولاَ يُنْزِفُونَ * وفَاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ * ولَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ * وحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ المَكْنُونِ * جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا ولا تَاثِيمًا * إلاَّ قِيلًا سَلامًا سَلامًا﴾ ١٠ - ٢٦].
﴿والسَّابِقُونَ﴾ المخلصون الذين سبقوا إلى ما دعاهم الله إليه، وشقوا الغبار في طلب مرضاة الله عز وجل، وقيل: الناس ثلاثة؛ فرجل ابتكر الخير في حداثة سنه، ثم داوم عليه حتى خرج من الدنيا؛ فهذا السابق المقرب، ورجل ابتكر عمره بالذنب وطول الغفلة، ثم رجع بتوبة، فهذا صاحب اليمين، ورجل ابتكر الشر في حداثة سنه، ثم لم يزل عليه حتى خرج من الدنيا، فهذا صاحب الشمال.
﴿مَا أَصْحَابُ المَيْمَنَةِ﴾؟ ! ﴿مَا أَصْحَابُ المَشْأَمَةِ﴾؟ تعجيب من حال الفريقين في السعادة والشقاوة. والمعنى: أي شيء هم؟ ﴿والسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ﴾، يريد: والسابقون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فرجل ابتكر) الفاء تفصيلية في قوله تعالى: ﴿فَأَصْحَابُ المَيْمَنَةِ﴾ والمفصل: ﴿وكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً﴾، والواو للحال و"قد" مقدرة، والعامل الفعل السابق، ويجوز أن تكون حالًا مقدرة لقوله: ﴿فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾.
قوله: (تعجيب من حال الفريقين في السعادة والشقاء) قال القاضي: والجملتان