إذا سقيت ضيوف الناس محضا.... سقوا أضيافهم شما زلالا.
وسقي بعض العرب فقال: أنا لا أشرب إلا على ثميلة؛ ولهذا قدمت آية المطعوم على آية المشروب.
[﴿أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ * أَأَنتُمْ أَنشَاتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ المُنشِئُونَ * نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً ومَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ * فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ العَظِيمِ﴾ ٧١ - ٧٤].
﴿تُورُونَ﴾: تقدحونها وتستخرجونها من الزناد، والعرب تقدح بعودين تحك أحدهما على الآخر، ويسمون الأعلى: الزند، والأسفل: الزندة؛ شبهوهما بالفحل والطروقة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (إذا سقيت ضيوف الناس محضًا) البيت، محضًا، أي: خالصًا، والشبم: البارد، والزلال: الصافي، يصف قومًا بالبخل، ويقول: إذا سقيت الضيوف لبنًا محضًا خالصًا، فإنهم يسقون أضيافهم الماء الصراح.
قوله: (إلا على ثميلة) الأساس: وأنا لا أشرب إلى على ثميلة، وهي بقية العلف في البطن. وفي "النهاية": أصل الثميلة: ما يبقى في بطن الدابة من العلف والماء، وما يدخره الإنسان من طعام أو غيره، وكل بقية ثميلة.
قوله: (﴿تُورُونَ﴾ تقدحونها) الراغب: ورى الزند يرى وريًا، إذا خرجت ناره، وأصله أن تخرج النار من وراء المقدح، كأنما تصور كمونها فيه، فقال:
ككمون النار في حجره
ويقال: فلان واري الزند إن كان منجحًا، وكابي الزند إذا كان مخفقًا.
قوله: (بالفحل والطروقة) الجوهري: طروقة الفحل: أنثاه، يقال: ناقة طروقة الفحل: التي بلغت أن يضربها الفحل، ووجه الشبه ما في كل من الزند والزندة من كمون قدرة الله تعالى، كأنها طالبة من صاحبتها اللقاح الذي هو الاقتداح لتوخي النتيجة.


الصفحة التالية
Icon