﴿شَجَرَتَهَا﴾ التي منها الزناد، ﴿تَذْكِرَةً﴾ تذكيرا لنار جهنم، حيث علقنا بها أسباب المعايش كلها، وعممنا بالحاجة إليها البلوى، لتكون حاضرة للناس ينظرون إليها، ويذكرون ما أوعدوا به. أو جعلناها تذكرة وأنموذجا من جهنم، لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ناركم هذه التي يوقد بنو آدم جزء من سبعين جزءا من حر جهنم".
﴿ومَتَاعًا﴾ ومنفعة ﴿لِّلْمُقْوِينَ﴾ للذين ينزلون القواء وهي الفقر. أو للذين خلت بطونهم أو مزاودهم من الطعام. يقال: أقويت من أيام، أي لم آكل شيئاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (تذكرة وأنموذجًا) ﴿تَذْكِرَةً﴾: على التفسير الثاني من التذكير والموعظة، وعلى الأول من الذكر نقيض النسيان.
قوله: (ناركم هذه) الحديث من رواية البخاري ومسلم ومالك والترمذي عن أبي هريرة: "ناركم هذه التي توقدون جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم". الحديث.
قوله: (أو للذين خلت بطونهم أو مزاودهم من الطعام) هذا لا طائل تحته! قال الواحدي: المقوي: الذي ينزل بالقواء، وهي الأرض الخالية، أي: ينتفع بها أهل البوادي والأسفار، ومنفعتهم بها أكثر من منفعة المقيم، لأنهم يوقدونها ليلًا لتهرب السباع، ويهتدي الضال.
وقال عكرمة ومجاهد: المقوين: المستمتعين بها من الناس أجمعين؛ المسافرين والحاضرين، يستضيئون بها في الظلمة، ويصطلون من البرد، وينتفعون بها في الطبخ والخبز، وعلى هذا القول: المقوي من الأضداد، يقال للفقير: مقو لخلوه من المال، والغني: مقو لقوته على ما يريد، يقال: أقوى الرجل: إذا صار إلى حال القوة، والمعنى: متاعًا للأغنياء والفقراء لأنه لا غنى لأحد عنها.
ولما ذكر الله تعالى ما يدل على توحيده، وما أنعم به عليهم، قال: ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ العَظِيمِ﴾، أي: فنزه الله مما يقولون في وصفه.


الصفحة التالية
Icon