﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ فأحدث التسبيح بذكر اسم ربك، أو أراد ب"الاسم": الذكر، أي: بذكر ربك. و ﴿العَظِيمِ﴾ صفة للمضاف أو للمضاف إليه.
والمعنى: أنه لما ذكر ما دل على قدرته وإنعامه على عباده قال: فأحدث التسبيح،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فأحدث) قيل: إنما أحدث لأنه ﷺ كان مشتغلًا بالتسبيح غير معرض عنه، والمراد بالإحداث: الاستمرار.
وقلت: هذا عكس ما يقتضيه لفظ الإحداث، ولكن المراد: إذا أحطت بما ذكر لك من بيان القدرة الكاملة، وبما أنعم به على الخلق، فجدد التسبيح لذلك تنزيهًا لجلالة شأنه أو تعجبًا من كفران إنعامه، أو شكرًا على ما أولاه من إحسانه.
وبيانه: أن لفظ التسبيح من حيث وضعه بإزاء التنزيه عن النقائض وعما يصفه الجاهلون تنزيه، ولما كان ورود هذا الكلام في الرد على منكري الحشر والنشر، ومنكره منكر لقدرته الكاملة وعلمه الشامل، ومكذب لما نص ووعد وأوعد، على ما ورد في الحديث القدسي: "كذبني ابن آدم... " إلى "أن يعيدني كما بدأني". كان تنزيهًا عما يقول الظالمون.
ومن حيث المفهوم والاستعمال وأنهم يسبحون الله عند رؤية كل عجيب من صنائعه كان كلمة تعجيب، وما يتعجب منه في هذا المقام: إما تقرير خلق الإنسان من ماء مهين، وإخراج الزرع من ماء المزن، وري النار من الزند، وإما غمطهم هذه النعم الجسيمة والأيادي الظاهرة، ومن حيث النظر إلى كونه ذكرًا لله عز وجل ووصفًا له بالجلال والعظمة والملكوت بعد عد النعم المتكاثرة، كان حمدًا له وشكرًا لأياديه. والله أعلم.
قوله: (أو أراد "بالاسم": الذكر) عن بعضهم: الباء سببية لا صلة ولا زائدة، وحاصلة: إما إضمار أو مجاز.
وقلت: تقديره: نزه الله إما بواسطة ذكر اسمه تعالى، أو بواسطة ذكره، ويجوز أن يجرى على ظاهره من غير إضمار ولا مجاز، قالوا في قوله تعالى: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الأعلى: ١]:


الصفحة التالية
Icon