وهو أن يقول: سبحان الله، إما تنزيهًا له عما يقول الظالمون الذين يجحدون وحدانيته ويكفرون نعمته، وإما تعجبًا من أمرهم في غمط آلائه وأياديه الظاهرة، وإما شكرًا لله على النعم التي عدها ونبه عليها.
[﴿فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وإنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لا يَمَسُّهُ إلاَّ المُطَهَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ العَالَمِينَ﴾ ٧٥ - ٨٠]
﴿فَلا أُقْسِمُ﴾ معناه: فأقسم. و"لا" مزيدة مؤكدة مثلها في قوله: ﴿لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الكِتَابِ﴾ [الحديد: ٢٩]. وقرأ الحسن: (فلأقسم)، ومعناه: فلأنا أقسم، اللام لام الابتداء دخلت على جملة من مبتدأ وخبر، وهي: أنا أقسم، كقولك: "لزيد منطلق" ثم حذف المبتدأ، ولا يصح أن تكون اللام لام القسم لأمرين، أحدهما: أن حقها أن تقرن بها النون المؤكدة، والإخلال بها ضعيف قبيح. والثاني: أن "لأفعلن" في جواب القسم للاستقبال، وفعل القسم يجب أن يكون للحال.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما يجب تنزيه ذاته وصفاته تعالى عن النقائص، يجب تنزيه الألفاظ الموضوعة لها عن سوء الأدب، وهذا أبلغ، لما يلزم ذلك بالطريق الأولي على سبيل الكناية الرمزية.
[قوله: ] ﴿فَلا أُقْسِمُ﴾، "لا" زائدة، ويجوز أن يكون ردًا لما يقوله الكافر في القرآن؛ من أنه سحر وشعر وكهانة، ثم استأنف القسم على أنه قرآن كريم. تم كلام الواحدي رحمه الله تعالى.
قوله: ("فلأقسم"، ومعناه: فلأنا أقسم) إنما قدر المبتدأ لأن لام الابتداء لا تدخل على الجملة الفعلية.
قوله: (وفعل القسم يجب أن يكون للحال) قال ابن جني: "لأقسم" قراءة الحسن والثقفي أي: لأنا أقسم؛ فإن جميع ما في القرآن من الإقسام إنما هو على حاضر الحال، لا


الصفحة التالية
Icon