﴿بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ﴾ بمساقطها ومغاربها، ولعل لله تعالى في آخر الليل إذا انحطت النجوم إلى المغرب أفعالًا مخصوصةً عظيمةً، أو للملائكة عبادات موصوفةً، أو لأنه وقت قيام المتهجدين والمبتهلين إليه من عباده الصالحين، ونزول الرحمة والرضوان عليهم؛ فلذلك أقسم بمواقعها، واستعظم ذلك بقوله: {وإنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على وعد الإقسام، نعم لو أريد الفعل المستقبل لزمت فيه النون، فقيل: لأقسمن، وحذفها ضعيف جدًا.
قوله: (ولعل لله تعالى في آخر الليل، إذا انحطت النجوم إلى المغرب، أفعالًا مخصوصة عظيمة)، وقلت: ولذلك ورد عن الصادق المصدوق: "ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الأخير، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له". أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة.
وروى الترمذي عن أبي أمامة: قيل: يا رسول الله أي الدعاء أسمع؟ قال: "جوف الليل الآخر، ودبر الصلوات المكتوبات".
قال صاحب "الجامع": النزول والصعود والحركة والسكون من صفات الأجسام، والله تعالى يتقدس عن ذلك، والمراد به نزول الرحمة والألطاف الإلهية، وقربها من العباد وتخصيصه لها بالثلث الآخر من الليل، لأن ذلك وقت التهجد وقيام الليل، وغفلة الناس عمن يتعرض لنفحات رحمة الله تعالى، وعند ذلك تكون النية خالصة، والرغبة إلى الله تعالى موفرة، فهو مظنة القبول والإجابة.


الصفحة التالية
Icon