تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} أو أراد بمواقعها: منازلها ومسايرها، وله تعالى في ذلك من الدليل على عظيم القدرة والحكمة ما لا يحيط به الوصف. وقوله: ﴿وإنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾ اعتراض في اعتراض؛ لأنه اعتراض به بين القسم والمقسم عليه، وهو قوله: ﴿إنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ﴾ واعتراض بـ ﴿لَّوْ تَعْلَمُونَ﴾ بين الموصوف وصفته.
وقيل: مواقع النجوم: أوقات وقوع نجوم القرآن، أي: أوقات نزولها.
﴿كَرِيمٌ﴾ حسن مرضي في جنسه من الكتب، أو نفاع جم المنافع، أو كريم على الله.
﴿فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ﴾ مصون من غير المقربين من الملائكة، لا يطلع عليه من سواهم، وهم المطهرون من جميع الأدناس، أدناس الذنوب وما سواها: إن جعلت الجملة صفةً لـ ﴿كِتَابٍ مَّكْنُونٍ﴾ وهو اللوح. وإن جعلته صفةً للقرآن؛ فالمعنى: لا ينبغي أن يمسه إلا من هو على الطهارة من الناس، يعني مس المكتوب منه، ومن الناس من حمله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (اعتراض في اعتراض) فإن قوله: ﴿وإنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ﴾، اعتراض بين القسم وجوابه مقرر للتوكيد، وتعظيم للمحلوف به، وقوله: ﴿لَّوْ تَعْلَمُونَ﴾ اعتراض بين الصفة والموصوف توكيد لذلك التعظيم، أي: لو علم ذلك لوفى حقه من التعظيم.
قوله: (﴿كَرِيمٍ﴾ حسن مرضي في جنسه) هذا على أن الكريم صفة لكل ما يرضى ويحمد في بابه، كقوله تعالى: ﴿مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ﴾ [الشعراء: ٧].
وقوله: (أو نفاع جم المنافع) هذا على أن يستعار الكريم ممن يقوم به الكريم من ذوي العقول لغيرهم، وقوله: "أو كريم على الله"، هذا على أن متعلق ﴿كَرِيمٍ﴾ محذوف.
وقوله: (وإن جعلته صفة للقرآن فالمعنى: لا ينبغي أن يمسه إلا من هو على الطهارة)، وكيفية الاستدلال على هذا المطلوب: هو أنه تعالى لما أقسم على أن القرآن في نفسه كريم مرضي في جنسه، ثم وصفه بأنه بمنزلة عظيمة عنده، حيث صانه عن كل وصمة ونقيصة،


الصفحة التالية
Icon