[﴿آمِنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ وأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ * ومَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ ٧ - ٨]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
للأشياء كلها، وكان تعالى موجودًا لا شيء معه، ثم أوجد ما أراد، ثم يفنى الخلق كلهم، فيبقى تعالى وحده كما كان في القديم، فيكون آخرًا كما كان أولًا.
وقال الأزهري: وقد يكون الظاهر الباطن بمعنى العالم لما ظهر وبطن، وذلك أن من كان ظاهرًا احتجب عنه الباطن، ومن كان باطنًا استتر عنه الظاهر، فإن أردت أن تصفه بالعلم قلت: هو ظاهر باطن، مثله قوله تعالى: ﴿لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ﴾ [النور: ٣٥]، أي: لا شرقية فقط، ولا غربية فقط، ولكنها شرقية غربية، فظهر على علم كل شيء بعلمه وبطن علم كل شيء بخبره، ويقال: ظهرت على فلان: إذا غلبته، وظهرت على السطح: إذا علوته، وظهرت على سر فلان: إذا عثرت عليه.
وقلت: هذا هو الوجه وإن قال: "وليس بذاك"، بعدما قال: "الظاهر: العالي على كل شيء، الغالب له"، وينصره ما روينا عن الإمام أحمد ومسلم والترمذي وأبي داود وابن ماجه عن أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه كان يقول: "أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عني الدين وأغنني من الفقر".
فالمعني بالظاهر في التفسير النبوي: الغالب الذي يغلب ولا يغلب، فيتصرف في المكونات على سبيل الغلبة والاستيلاء، إذ ليس فوقه أحد يمنعه، وبالباطن أن لا ملجأ ولا منجى دونه يلتجئ إليه ملتجئ، وهذه الأوصاف التي أجريت على الاسم الجامع بعد الحكم بأن الكائنات بأسرها مسبحة له طوعًا وكرهًا، وفعلًا وقولًا، دلت على عليتها، وكرر ضمير