قلت: على معنى الفعل في ﴿المُصَّدِّقِينَ﴾؛ لأن اللام بمعنى الذين، واسم الفاعل بمعنى اصدقوا، كأنه قيل: إن الذين اصدقوا وأقرضوا.
والقرض الحسن: أن يتصدق من الطيب عن طيبة النفس وصحة النية على المستحق للصدقة. وقرئ: (يضعف) و (يضاعف)، بكسر العين، أي: يضاعف الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (كأنه قيل: إن الذين اصدقوا وأقرضوا) فإن قيل: ما فائدة العدول؟ فهلا قيل: إن المصدقين والمقرضين؟ قلت: فائدته تصوير معنى التصدق، ومزيد تقرير التمثيل بالإقراض.
قال صاحب "التقريب": وفي عطف "أقرضوا" على صلة اللام نظر، للزوم الفصل بين أجزاء الصلة بأجنبي، وهو المصدقات، فإما أن يحمل على المعنى، إذ التقدير: إن الناس المصدقين والمصدقات وأقرضوا، أو لا يجعل عطفًا، بل اعتراضًا، فيجوز الفصل به كما بين الموصول والصلة في مثل:
ذاك الذي وأبيك يعرف مالكًا.... والحق يدفع ترهات الباطل
وقيل: هو من باب كل رجل وصنعته، أي: إن المصدقين مع المصدقات في الثواب والمنزلة، أو يقدر خبر أي: إن المصدقين والمصدقات يفلحون فيقع بعد تمام الجملة. وأقرضوا في الوجهين ليس عطفًا على الصلة، بل مستأنف، ويضاعف في الوجهين صفة ﴿قَرْضًا﴾ أو استئناف، وكأن استقامة المعنى والإعراب على حذف الموصول بتقدير: والذين أقرضوا، إن جوز كما هو مذهب الكوفيين.
قلت: الوجه القوي هو الاعتراض على سبيل الاستطراد، فإن المصدقات لو لم تذكر لكانت مندرجة تحت المصدقين على سبيل التغليب، كما أن قوله: "وأقرضوا الله" عام في الرجال والنساء، فذكر المصدقات لمزيد التقرير كما في قوله تعالى: ﴿أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ [آل عمران: ١٩٥].
قوله: (وقرئ: "يضعف") ابن كثير وابن عامر، و"يضاعف" بكسر العين: شاذ


الصفحة التالية
Icon