..................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الواحدي: "ليعلم" معطوف على ﴿لِيَقُومَ﴾، أي: ليعاملوا بالعدل، وليعلم الله من ينصره، وذلك أن الله تعالى أمر في الكتاب الذي أنزل بنصرة دينه ورسله، فمن نصر دينه ورسله علمه ناصرًا، ومن عصى علمه بخلاف ذلك.
ويمكن أن يقال: أصل الكلام: أنزلنا الكتاب والميزان والحديد، لتجاهدوا مع الشيطان والنفس بإقامة حقوق الله من أداء عبادته، وامتثال أوامره وانتهاء نواهيه، وحقوق العباد، باستعمال العدل والنصفة معهم، وتجاهدوا مع أعداء الدين باستعمال السيوف والرماح وسائر السلاح، ليكون الدين كله لله، ويعلم الله من ينصر دينه ورسله، وإنما ترك ذكر عائدة "الكتاب" لاحتوائه على ما لا نهاية له، وكرر أنزلنا، وذكر إحدى خواص الحديد، ثم أجمل بقوله: منافع، ليؤذن بأن تمشية أمر الكتاب والميزان متوقفة عليه.
روينا عن الترمذي عن معاذ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد". ولله در العتبي حيث قال: إن الكتاب قانون الشريعة، ودستور الأحكام الدينية، يتضمن الأحكام والحدود، حظر فيه التباغي والتظالم، ودفع التعادي والتخاصم، ومما حكم فيه من دفع التخاصم والأمر بالتعادل، وضع آلة العدل تنبيهًا به على موقع فائدة العدل، وعائدة السوية.
ثم إن من المعلوم أن ذلك الكتاب الجامع للأوامر الإلهية وذلك التعامل بالعدل والسوية، إنما يحفظ الناس عن اتباعهما، ويضطر العالم إلى إلزام أحكامها السيف الذي هو حجة الله على من جحد وعند نزع من صفقة الجماعة اليد، هذا هو الحديد الذي وصفه الله تعالى بالبأس الشديد، فجمع بالقول الوجيز، معاني كثيرة الشعوب متدانية الجيوب.


الصفحة التالية
Icon