وروي: "دون الثالث". وقرئ: (فلا تناجوا)، وعن ابن مسعود: إذا انتجيتم فلا تنتجوا. ﴿إنَّمَا النَّجْوَى﴾ اللام إشارة إلى النجوى بالإثم والعدوان، بدليل قوله تعالى: ﴿لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ والمعنى: أن الشيطان يزينها لهم، فكأنها منه ليغيظ الذين آمنوا ويجزنهم ﴿ولَيْسَ﴾ الشيطان أو الحزن ﴿بِضَارِّهُمْ شَيْئًا إلاَّ بِإذْنِ اللَّهِ﴾.
فإن قلت: كيف لا يضرهم الشيطان أو الحزن إلا بإذن الله؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حتى تختلطوا بالناس من أجل أن ذلك يحزنه، ولا تباشر امرأة امرأة فتصفها لزوجها كأنه ينظر إليها" لا تباشر، أي: لا تنظر إلى بشرتها، لقوله: فتصفها.
قوله: (بدليل قوله: ﴿لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾)، أي: التعريف منه للعهد، والمعهود شيئان أحدهما: قوله: ﴿ويَتَنَاجَوْنَ بِالإثْمِ والْعُدْوَانِ﴾، وثانيهما قوله: ﴿فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإثْمِ والْعُدْوَانِ﴾ فلا تتناجوا بالإثم والعدوان، والذي يدل على أن المراد الأول قوله: ﴿لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا﴾، يعني إنما يحزن المؤمنون من تناجي اليهود والمنافقين، ويعضده جواب السؤال: "كانوا يوهمون المؤمنين".
قوله: (كيف لا يضرهم الشيطان والحز إلا بإذن الله؟ )، أي بخلقه وتقديره، كذا قدر الإمام، وقال الواحدي: أي ليس الشيطان بضارهم شيئًا إلا بما أراد الله ذلك، كان المؤمنون إذا رأوهم متناجين قالوا: لعلهم يتناجون بما بلغهم عن إخواننا الذين خرجوا في السرايا من قتل أو موت أو هزيمة، قال الله تعالى: ﴿ولَيْسَ بِضَارِّهُمْ شَيْئًا﴾ أي: بما أراد الله.


الصفحة التالية
Icon