قلت: كانوا يوهمون المؤمنين في نجواهم وتغامزهم أن غزاتهم غلبوا، وأن أقاربهم قتلوا، فقال: ولا يضرهم الشيطان أو الحزن بذلك الموهم إلا بإذن الله، أي: بمشيئته، وهو أن يقضي الموت على أقاربهم أو الغلبة على ألغزاة. وقرئ: ﴿لِيَحْزُنَ﴾ و (ليحزن).
[﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي المَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وإذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ والَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ واللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ ١١]
﴿تَفَسَّحُوا فِي المَجَالِسِ﴾ توسعوا فيه وليفسح بعضكم عن بعض، من قولهم: افسح عني، أي: تنح؛ ولا تتضاموا. وقرئ: (تفاسحوا)، والمراد: مجلس رسول الله، وكانوا يتضامون فيه على القرب منه، وحرصًا على كلامه، وقيل: هو المجلس من مجالس القتال، وهي مراكز الغزاة، كقوله تعالى: ﴿مَقَاعِدَ لِلقِتَالِ﴾ [آل عمران: ١٢١] وقرئ: ﴿فِي المَجَالِسِ﴾ قيل: كان الرجل يأتي الصف فيقول: تفسحوا، فيأبون لحرصهم على الشهادة. وقرئ: (في المجلس) بفتح اللام: وهو الجلوس،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقرئ: ﴿لِيَحْزُنَ﴾ و"ليحزن")، الثانية: لنافع، والأولى: للباقين.
قوله: (وقرئ: "تفاسحوا")، قال ابن جني: وهي قراءة الحسن، وهذا لائق بالغرض لأنه إذا قيل: تفسحوا لم يكن فيه صراح، بدليل: "ليفسح بعضكم عن بعض"، وإنما ظاهر معناه: ليكن هناك تفسح، وأما التفاسح فتفاعل، فهو لما فوق الواحد.
قوله: (﴿فِي المَجَالِسِ﴾)، عاصم، والباقون: "في المجلس" بكسر اللام، والفتح شاذ.


الصفحة التالية
Icon