..................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالتصلب في دين الله ومجانبة أعداء الله، ومباعدة الأقارب وإن كانوا آباءهم والاحتراس عن معاشرتهم! فكيف يستتب ذلك بمجرد التصديق؟ !
الراغب: الكتب: ضم أديم إلى أديم بالخياطة، وفي التعارف ضم الحروف بعضها إلى بعض بالخط، والأصل في الكتابة النظم بالخط وفي المقال النظم باللفظ، ويعبر عن الإثبات والتقدير والإيجاب والفرض بالكتابة، ووجه ذلك: أن الشيء يراد ثم يقال ثم يكتب، فالإرادة مبتدأ والكتابة منتهى، ثم يعبر عن المراد الذي هو المبتدأ إذا أريد به توكيده بالكتابة التي هي المنتهى، قال الله تعالى: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا ورُسُلِي﴾ [المجادلة: ٢١]، وقوله تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ وأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ﴾ [المجادلة: ٢٢] فيه إشارة إلى أنهم بخلاف ﴿مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا﴾ [الكهف: ٢٨]، لأن معنى ﴿أَغْفَلْنَا﴾ من أغفلت الكتاب: إذا جعلته خاليًا من الكتابة ومن الإعجام. وقوله: ﴿فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ﴾ [الأنبياء: ٩٤] إشارة إلى أن ذلك مثبت له ومجازى به. انتهى كلامه.
فإن قلت: أي الكتبتين _أعني: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ﴾ و ﴿كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ﴾ _ أبلغ؟
قلت: كل منهما مدل بنوع من التوكيد، وبضرب من التقرير، فالأولى: مؤكدة بلام القسم والنون وبالضمير تمهيدًا لذكر المرسلين على منوال قوله تعالى: ﴿يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [الأحزاب: ٥٧] أي: يؤذون رسوله، وإلا فالله الغالب أبدًا، ونظيره قوله تعالى: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الروم: ٤٧].


الصفحة التالية
Icon