فدربوا على الأزقة وحصنوها فحاصرهم إحدى وعشرين ليلة، فلما قذف الله الرغب في قلوبهم وأيسوا من نصر المنافقين: طلبوا الصلح، فأبى عليهم إلا الجلاء؛ على أن يحمل كل ثلاثة أبيات على بعير ما شاؤوا من متاعهم فجلوا إلى الشام إلى أريحا وأذرعات، إلا أهل بيتين منهم: آل أبي الحقيق وآل حيي بن أخطب، فأنهم لحقوا بخيبر، ولحقت طائفة بالحيرة.
اللام في ﴿لأَوَّلِ الحَشْرِ﴾ تتعلق بـ ﴿أَخْرَجَ﴾، وهي اللام في قوله تعالى: ﴿يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾ [الفجر: ٢٤] وقولك: جئته لوقت كذا. والمعنى: أخرج الذين كفورا عند أول الحشر. ومعنى أو الحشر: أن هذا أول حشرهم إلى الشام، وكانوا من سبط لم يصبهم جلاء قط، وهم أول من أخرج من أهل الكتاب من جزيرة العرب إلى الشام.
أو هذا أول حشرهم؛ وآخر حشرهم: إجلاء عمر إياهم من خيبر إلى الشام. وقيل:
آخر حشرهم حشر يوم القيامة؛ لأن المحشر يكون بالشام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فدربوا على الأزقة)، النهاية: يقال: الدرب- بفتح الراء- للنافذ من المدخل، وبالسكون؛ لغير النافذ.
قوله: (وهي اللام في قوله تعالى: ﴿يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾ [الفجر: ٢٤])، أي: لوقت حياتي. الانتصاف: كأنه يشير إلى لام التاريخ، كقوله: كتبته لعام كذا أو لشهر كذا.
قوله: (من جزيرة العرب)، روي الزجاج عن الخليل أنه قال: جزيرة العرب معدنها ومسكنها، وإنما سمي بها لأن بحر الحبشة وبحر فارس والفرات ودجلة قد أحاطت بها وهي أرضها ومعدنها، قد سبق في أول البقرة فيها كلام مشبع.


الصفحة التالية
Icon