فإن قلت: ما معنى تخريبهم لها بأيدي المؤمنين؟
قلت: لما عرضوهم لذلك وكانوا السبب فيه فكأنهم أمروهم به وكلفوهم إياه، ﴿فَاعْتَبِرُوا﴾ بما دبر الله ويسر من أمر إخراجهم وتسليط المسلمين عليهم من غير قتال.
وقيل: وعد رسول الله ﷺ المسلمين أن يورثهم الله أرضهم وأموالهم بغير قتال، فكان كما قال.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (لما عرضوهم لذلك)، أي: عرض اليهود المؤمنين، فكان اليهود هم السبب، الجوهري: عرضت فلانًا كذا، فتعرض هو له.
قوله: (﴿فَاعْتَبِرُوا﴾ ما دبر الله)، قال القاضي: فاتعظوا بحالهم فلا تعتذروا ولا تعتمدوا على غير الله، واستدل به على أن القياس حجة من حيث إنه تعالى أمر بالمجاوزة من حال إلى حال، وحملها عليها في الحكم لما بينهما من المشاركة المقتضية له، كما تقرر في الكتب الأصولية.
وقال الواحدي: معنى الاعتبار: النظر في الأمور ليعرف بها شيء آخر من جنسها، والمعنى: تذكروا وانظروا فيما نزل بهم يا أهل اللب والعقل والبصائر.
قال الراغب: العبرة: ما يعبر به من الجهل إلى العلم، ومن الحس إلى العقل. وأصله من عبور النهر، ومن العبارة لأنها جعلت كالمعبر لتأدية المعنى من نفس القائل إلى نفس السامع، وخص التعبير بنفس الرؤيا.
قوله: (وقيل: وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم)، عطف على قوله: "بما دبر الله" من حيث المعنى، أي:


الصفحة التالية
Icon